وساحتنا السياسية بالاخص البرلمانية منها مليئة بعشرات الامثلة والشواهد على ذلك, ولو وقفنا عند هذه الحالة وتحرينا عن بعض المواقف لوجدنا ان قانونا كقانون العفو العام مثلا كان ولاازال مثار جدل بين السياسيين والكتل كلا بحسب مصلحته مع ذلك فان البعض الاخر كنواب كتلة المواطن ينظرون بايجابية لجميع القوانين بما فيها قانون العفو العام بمقدار ما يحقق من مصلحة للشعب شرط توفير ضمانات بالحفاظ على حرمة الدم العراقي وعدم شموله من تلطخت أياديهم بدماء الشعب العراقي ومن كان جزءا أساسيا في الشبكات الإرهابية والتكفيرية تحريضا وتمويلا وتخطيطا وتنفيذا من هنا يمكن ان نفهم نظرتهم للقوانين الاخرى التي تخدم الوطن و المواطنين لانها وكما عبر عنها رئيس المجلس الاعلى عمار الحكيم , تنطلق من حرص اكيد على المصلحة الاعم بلا نفاق ولا مواربة وتكاد هذه المواقف المعلنة غير متاثرة بمتغيرات السياسة وصفقاتها لان هذه القوانين يجب ان تعد لتحقيق الغرض منها وهو الخدمة وعدم التلاعب بمشاعر المواطن كما لاينبغي ان تكون مدعاة للصراع السياسي الذي تقوده المصالح الحزبية والكتلوية او المساومات بين القوى السياسية.
من هنا فأن تحقيق المصلحة من قانون العفو العام والتقاعد والنفط والغاز ومفوضية الانتخابات ومجلس الخدمة الاتحادي ومنحة الطلبة وغير ذلك ينبغي ان تعود على الجميع بالخير وان شملت شريحة او فئة فأن ذلك يعني ان هذه الشريحة مغبونة تحتاج الانصاف ليرفع عنها الحيف وتخرج من نطاق الحرمان المزمن كما ان تبني قوانين ومشاريع كبيرة لبعض المحافظات كمشروع البصرة عاصمة العراق الاقتصادية واعمار ميسان ومشاريع اخرى لازالت تحت النظر يعني ان كتلة المواطن وقيادتها السياسية ترى ضرورة ان تحاط هذه المحافظات واهلها بالرعاية كونهم جزء من وطن يعاني الامرين, لكنهم الاكثر تضررا .
وفي هذا السياق تحديدا اذكر ان عزيز العراق رضوان الله عليه تحدث في احدى لقاءته الجماهيرية عن ضرورة "ان لاتساوى بعض المحافظات من ناحية التخصيصات والاموال المخصصة للاعمار مع غيرها ومنها البصرة وميسان والمثنى وذي قار" لانها ينبغي ان تكون لها اولوية ويتم دعمها بمشاريع كبيرة وعاجلة انذاك لتتساوى في بعض الجوانب الخدمية التي كانت غائبة عنها اصلا, بمعنى ان هذه المحافظات كانت متأخرة مقارنة بمثيلاتها من محافظات البلاد ولانصافها ينبغي ان تحظى بتخصيصات ومشاريع خدمية اضافية فضلا عن تخصيصاتها ومشاريعها الاساسية المخصصة لها.
نعم ان هذه النظرة وهذا التبني الذي لايحمل في طياته بعدا شخصيا او منفعة لكتلة المواطن بعينها يدفعنا للتساؤل وقد يدفع البعض الاخر للاستغراب خصوصا ان الانا طاغية على خطاب العديد من الكتل وقد يكون التساؤل والاستغراب نابعا من نوع الهدف الذي تسعى لتحقيقه كتلة المواطن عبر تبني مشروع ضخم لمحافظة خارجة عن ادارتها.
وقد يقول قائل ان هذه المحافظات تدار من قبل الجهة الفلانية بكل تفاصيلها التشريعية والتنفيذية لاصغر دوائرها وتشكيلاتها وقد تكون كتلة المواطن ودورها في ادارة هذه المحافظات غير مؤثر او هامشي فلماذا هذا الاصرار على طرحها وتبنيها لهذا المشروع والحديث عنه من قبل نوابها وقيادتها ؟؟ وحتى لو اقرالمشروع فان من سينفذ هم الادارة الحالية وستذهب المكاسب لها!! وللاجابة نقول "ان متبنيات هذه الكتلة بقيادتها والتي يرى البعض انها لاتتفق مع توجهاته فالتقوى السياسية مثلا التي يرتكز عليها طرح وحركة تيار شهيد المحراب باعتباره تيارا اسلاميا يتبنى المثل والقيم الدينية الاسلامية والانسانية الصالحة والتي بموجبها ينبغي على العامل في السياسة ان يبتعد عن اساليب المكر والخداع والكذب وتتجه حركته وجهده لخدمة المواطنين او ابناء الامة دون تمييز كما ان تحقيق الافضل للمجموع هو التوجه السائد لديه" فلا مصلحة شخصية باعتبار ان المجتمع عموما يحتاج جهد الخيرين لصلاحه ولنشر مبادىء الحق والعدل وعمارة الارض بوصفهم افرادا , وعندما نقول ان مثل هذا التوجه لايخدم البعض لان هولاء ممن يرون بان السياسة مكر وخداع وانتهاز فرص لاغير ستصطدم افكارهم ومشاريعهم في فترة ما مع هذا الطرح.
من هنا فان المبدئية تقضي بخدمة الجميع وتقديم العون لهم بلا منة بكل تأكيد وان لم يوفقوا في تحقيق الافضل والمنشود فيكفيهم السعي والاجتهاد في خدمة الشعب والامة لذا نقول ان منهجا بهذا العمق وهذه الصورة من الايثار ينبغي دعمه وسينجح حتما في تحقيق الخير للمحرومين ممن لا توجه حزبي لهم او ممن لا يتبعون اديولوجيه معينة, بالاخص عندما يسود خطاب مثل خطاب احنه مسؤولين عن ال٦٠٠ الف الي انتخبونا!!! وحققنا لهم كذا وكذا وكذا ... يعني برئنا ذمتنا امامهم وامام الله وهذا ينافي بكل تأكيد للاخلاق اولا وللقسم الذي قطعه النواب على انفسهم في خدمة جميع ابناء الشعب .
وهنا نقول انها نظرة المسؤول والعمل بمسؤولية لخدمة الجماعة امر يحتاج الى استعدادات خاصة ليحظى العمل بالتوفيق لاننا في النهاية نجد ان المصلحة ستتحقق حتما بمجرد ان يبصر الناس مدلولاتها ويفهموا مغازيها رغم اننا نجد بعض وسائل الاعلام ورجال الصحافة مقصرين تجاه نشر مثل هذا النوع من الافكار وتشجيع التفكير بهذه الطريقة فالخدمة ليست شعارا كما ان تحقيق المصلحة التي نتحدث عنها من وراء التشريع ينبغي ان تكون تامة وكاملة, لا ان توجه لتحصيل مكاسب مؤقتة للشخص والحزب الفلاني وقد يكون هذا هو السبب الرئيسي في الكثير من مشاكلنا ومأسينا التي لم تحل حتى يومنا هذا ..