وما مر عام دون أن يقتل فيه العشرات من الصحفيين.
في نهاية عام ٢٠١٢ بل وفي نهاية كل عام، تنشر إحصائيات في معظم بلدان العالم عن مقتل الصحفيين سواء في ساحات القتال أو تحت التعذيب في السجون والمعتقلات أو على يد مختطفيهم، ويبدو وذلك منذ أعوام، ان الصحفيين وحدهم او بدرجة اولى من بين حملة الأقلام مشروع دائم للقتل والتغييب، ما يعني ان الصحفيين والإعلاميين وحدهم يحتكون بثورات الشعوب العادلة ويعبرون عن الحرية والعدالة، وفي مقدمة الذين يقارعون الطغيان والدكتاتورية والفاشية، وهذا شرف عظيم لجنود السلطة الرابعة.
ونعود الى عام ٢٠١٢ الذي فارقناه قبل فترة ليست بطويلة، تقول لجنة حماية الصحفيين التي تتخذ من نيويورك مقرا لها وذلك في تقرير نشرته يوم ١٨/١٢/٢٠١٢، أن ٦٧ صحفيا قتلوا في العالم عام ٢٠١٢ بينهم ٢٨ صحفيا في سوريا فقط، أي بزيادة ٤٢% عن العام الماضي، في حين ورد في التقرير السنوي للأتحاد الدولي للصحفيين ان عدد القتلى بلغ ١٢١ . وعد العام الماضي أسوأ عام للصحفيين بعد عام ٢٠٠٩ الذي قتل فيه ما يقارب ٧٣ صحفيا. وفي العراق وحده حسب نقابة الصحفيين العراقيين فقد قتل (٥) من الصحفيين ما يعني أن وضع الصحفيين في هذا البلد بقي على حاله لم يتغير ولولا الوضع المزري للصحفيين في سوريا لكان العراق وكما كان من أسوأ البلدان على الصحفيين علما ان الصحفيين العراقيين فضلا عن مقتل (٥) منهم إلا أنهم تعرضوا الى مضايقات شتى في العام المنصرم، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر، استنكار نقابة الصحفيين العراقيين لاعتداء غاشم طال أسرة الصحفي صلاح البصيص في منطقة الحرية شمال بغداد، وفي محافظة صلاح الدين فقد احتج صحفيوها على الوضع الصعب الذي يمرون به وطالبوا بتحقيق حقوقهم، أما في محافظة ذي قار فقد تظاهر جمع من الصحفيين يشكون من تسلط عناصر طارئة على الصحافة هناك وبلغ اضطهاد الصحفيين درجة أخذ أموال طائلة منهم لقاء منحهم هوية النقابة. وعلم ان مضطهدي الصحفيين داخل الأسرة الصحفية هم من المحسوبين على النظام القائم الذين ادخلوا الفساد على مهنة المتاعب الشريفة، وعدا سوريا، فلقد سجل في السودان أكثر من انتهاك لحقوق الصحفيين، آخره غلق صحيفة «القرار» السودانية الذي قال رئيس تحريرها فيه: (ان غلق الصحيفة انتهاك لحرية التعبير).
ولقد طرأ تحسن كبير على أوضاع صحفيي كوردستان مقارنة بالأوضاع التي شهدوها في الأعوام الماضية، إذ لم تسجل حوادث قتل أو اختطاف يذكر بحقهم، ومع ذلك فإن الوضع يظل دون طموحهم، اذ سجلت نحو ١٠٠ حالة انتهاك بحقهم. إذا كانت حالة صحفيي كوردستان بين بين، فإن وضع الصحفيين الكورد في الجارة تركيا التي تدعي الديمقراطية وتلمح ولكن كذبا بين فترة وأخرى الى حل القضية الكوردية في شمال كوردستان رديء للغاية فهنالك العشرات من الصحفيين الكورد يقبعون وراء قضبان السجون وتسلط عليهم معاملات وسلوكيات قاسية، ولم تكن الأوساط الصحفية العالمية مخطئة عندما وصفت تركيا وذلك في نهاية عام ٢٠١٢ بأنها أكبر سجن للصحفيين الكورد. وحسب التقارير الدولية واتحادات الصحفيين فان فنلندا هي الدولة الاولى من حيث توفير الحرية والكرامة للصحفيين واسؤها دولة اريتريا.
ويبقى الصحفيون في المقدمة، في مقارعة الظلم والجور ويبقى الطغاة أعداء الحرية والديمقراطية عينا لمراقبتهم وملاحقتهم للحد من نشاطاتهم، فعندما اندلعت التظاهرات والاعتصامات العادلة في الرمادي والأنبار في العراق، فقد حصلت حالات منعت السلطات فيها الصحفيين من الوصول الى ميادين المظاهرات والاعتصامات، وفي الأيام الأخيرة من العام الماضي، تعرضت مكاتب فضائية البغدادية نيوز في المحافظات الخاضعة لنفوذ الحكومة العراقية الى غلق مؤقت ثم توج بتوجيه إنذار شديد إليها وإلى فضائية السومرية أيضا.
يقينا ان الصحفيين سيكونون في العام الجديد ٢٠١٣ وكما كانوا في الأعوام الماضية في طليعة المدافعين عن حقوق الإنسان وإيصال صوت المعذبين في الأرض الى العالم الخارجي، غير آبهين بحوادث القتل التي ستطالهم. وتشير الحوادث من الان ان هذا العام ٢٠١٣ سيكون عاما دمويا صعبا على الصحفيين اذا اخذنا بأزدياد الازمات والأضطرابات واتساع رقعة الحروب والمصادمات .
وألف ألف تحية الى أرواح الشهداء الصحفيين الذين فارقونا في العام الفائت والأعوام التي سبقته، والنصر للكلمة الحرة الشريفة والصادقة النصر للصحفيين المدافعين عن الحق والانسان والقضايا العادلة أينما كانوا ووجدوا.