لم يكن الجنود مسلحين ..كانوا عائدين في اجازة يحملون رواتبهم الى عوائلهم بعد شهر اواكثر من اداء واجبهم في احلال الامن وحماية العراقيين من تآمر العرب ومفخخاتهم ،وحماية المتظاهرين من دخول المفخخات !!.
وبرغم بشاعة الجرم يخرج علينا صوت يقول: الاعتداء على المتظاهرين والجيش امر غير مقبول!.هكذا بكل هذا البرود..وتنطلق اصوات مسؤولة واخرى شاركت بالجرم : نشجب هذا العمل !!.
معادلة ظالمة مجحفة، وتجارة كاسدة بائرة، تلك التي تضع الدماء الزاكيات الطاهرات قبالة كلمات الشجب والإستنكار وتزنهما بميزان واحد. وتقايض الأرواح الغاليات بالبيانات والشعارات. وتفدي الأشلاء المتناثرات بالتعازي والتأسفات!.
بئس الشجب الذي يجيء منتزعاً، مسوقاً ببروتوكولات منافقة، أو تندى به شفة مملولة حركتها مجاملات باهتة لإبعاد شبهة أو أصابع إتهام.
ويا لها من استهانة بالنفوس التي كرمها الله تعالى حين تسترضى بالإستنكارات.
منذ عشرة اعوام - بقصد أو بغير قصد، بل بإصرار وسبق ترصد- تحول العراق الى مصيدة لحرب واستدراج قوى الشر والظلام، بغية دفع الضرر والشرر عن ساحات ساهمت مساهمة فعالة بصنع الإرهاب، وساحات كانت حاضنات دافئة لتفريخ الإرهاب. وبعد ان إنقلب السحر على الساحر، وصار المسعور لا يميز بين عض نفسه وعض أهله، تنبه أساطين السياسة المنافقة الى ستراتيجية خبيثة لإبعاد خطر هذا السعار عن اراضيهم تتمثل بايجاد بؤر للتوتر- تنذر بخطر داهم وتهديد مزعوم- تستخدم كمواقع بديلة لتجميع الإرهاب العالمي بعد تأهيل هذه البؤر بكافة مغريات الجذب. وبرضى وسذاجة طغاتها الذين ابتلعوا الطعم قبل غيرهم، تتحول تلك البلدان الى محرقة مستعرة، وساحة حرب ملتهبة وقودها شعبها وثرواتها!.
وكان قدر العراق ان يصبح أول ضحاياها، ويصبح شعبه المظلوم وقودها ورحاها.. وعلى مدى هذه الفترة المثقلة بالذبح والخطف. المطعمة بالمفخخات والعبوات والناسفات، المشاعة للخراب والدمار لم تلح في الأفق بارقة أمل بإيقاف النزيف، ودرء الطوفان، اللهم إلا كمّاً هائلاً من الشجوب والإستنكارات والتي فقدت ماء وجهها بعدما خسرت رصيدها ووجاهتها بسبب تكرارها، وكونها شجوب خالية الوفاض وغير مدججة، واستنكارات تلوح بغصن زيتون أخضر بوجه وحوش كاسرة.
أن الجماهير التي نجت بقدرة قادر من محرقة التنين- بعدما دفعت الأب والأبن والأخ والأخت والأم قرابيناً طيلة عقود أربعة سود- واستبشرت خيراً بسقوط الطواغيت لم يدر بخلدها أن محرقة التنين ستستبدل بأتون مستعر لا يميز ولا يبقي ولا يذر. وامتداداً لصبرها الأزلي القديم واستمرارا لنهجها التضحوي، واصلت هذه الجماهير المغلوبة على أمرها إلتفافها حول حركاتها وقياداتها الوطنية، ومرت فوق حقول الألغام، وشقت طريقها بين الهاونات والناسفات، متجهةً صوب صناديق الإقتراع عدة مرات، وخلال اعوام مفعمة بالرعب والفساد، وأدت فوق ما عليها وأكثر مما مطلوب منها!.
فمتى يؤدي المسؤولون الكرام جزءاً مما عليهم؟!.
ومتى يجد الشجب اسمه الآخر بعدما أضاع وجهه الآخر؟!.