ومثل هذه الاخبار وهذا الإعلان كان متواصلا ولم يقتصر على طرف محدد بل ان المتلقي اعتقد للوهلة الأولى ان الخزاعي هذا سيكون عراب المصالحة الوطنية وان العراق سيكون البلد الأكثر أمانا في العالم بما يملك هذا الناعق من حنكة ودهاء في اقناع القتلة والمجرمين من اجل نبذ العنف والطائفية والمساهمة الفعلية في بناء العراق يدا بيد مع الخزاعي والسيد المالكي حفظه الله ورعاه.
والشيء الاسوء في كل ما له صلة بهذه المصالحة هو ان خزائن العراق وعائدات النفط كانت كلها تحت تصرف النابغة الخزاعي من اجل انجاح مهمته الداخلية او في سفره ومؤتمراته التي تعقد في خارج العراق وفي بغداد والمحافظات حتى تلك التي لا يوجد فيها ارهاب والتي لم تستثني فصيلا او هيئة او قاتلا او مجرما الا وشمله بعطفه وحنانه.
ولان وجه الحقيقة واحد ولا يمكن القفز عليه كمبدأ سائد حتى وان اختلفت النظرية عن التطبيق الا ان هذه النظرية ليس لها حقيقة أمام مدعيات الخزاعي لانه جعل من الحقيقة خدعة لم تستطع ان تصمد اما الوقائع التي شهدتها الايام الماضية على أعقاب إرهاصات وتداعيات الوضع الأمني المتردي بعد اقتحام ساحة المتظاهرين في الحويجة ومقتل خمسة جنود عزل قرب ساحة الاعتصام في الرمادي بحيث كنا نبحث عن اي اثر لهذه المصالحة دون جدوى ولم نر لها اثر في تغيير موازين الأحداث باتجاه الحلحلة ومنع الاعتداءات والتجاوز على الأجهزة الأمنية او المؤسسات الحكومية او منع ووقف الخطاب التحريضي الطائفي الذي اصبح السمة المشتركة بين خطباء ساحات الاعتصام، بل يخيل للمرء ان الخزاعي كان يزرع البغضاء والحقد بين الفرقاء السياسيين اكثر مما كان يدعيه بشان المصالحة وإلقاء السلاح وتبين ان كل ما كان يقوله وما يدعيه هذا الرجل لا يمت الى الحقيقة بصلة.
منذ أربع سنوات والخزاعي يصول ويجول ويتاجر بدمائنا ومستقبلنا مقابل كذبة كبيرة اسمها المصالحة الوطنية لم تصمد أمام الحقيقة التي كشفتها أحداث الأيام والأسابيع الفائتة والتي كان من المفترض ان يكون تأثير الخزاعي كبيرا فيها بتغيير مجرى الأحداث وتحويلها من تحريضية الى تفاهمية بما يمتلكه الرجل المرعب من اتفاقات مع جميع الفصائل والعشائر والإرهابيين والصداميين لانه كان مطلق اليد ولم يحدد في اطار معين الا ان هذا الإطلاق كان مختصا بالدرجة الاساس في الكذب وفي اهدار المال العام واستباحة الدماء والارواح والاعراض.
ان على مجلس النواب ان يستجوب الخزاعي للوصول الى الحقيقة ولمعرفة اسماء الفصائل والهيئات والعشائر والقتلة والإرهابيين الذين تصالح معهم ومعرفة حجم المبالغ التي انفقت على هذه الكذبة الكبيرة لان واقع الحال وتجارب الايام والاسابيع الماضية التي سجلت اعلى رقم في عدد القتلى والجرحى منذ عام ٢٠٠٨ وحتى اليوم يؤكد ان كل ما قيل عن المصالحة كذب ونفاق كشفته احداث شهر نيسان بما حمل من قتل ودمار وتجاوز على هيبة الدولة.
لا اعرف لماذا كلما شاهدت هذا الرجل وهو يتحدث عن المصالحة احسه كاذبا وافاكا ويذكرني بالغراب الاسود ربما لاني اعرف تاريخه وربما لان ملامح وجهه وطبيعته لا تتلائم مع هذه المهمة الانسانية والتي لا يملك اي صفة منها وربما لانه لم ياتي الا بالشر في كل تحركاته.