الرئيس المصري المخلوع منتخب بغالبية الناخبين المصريين، وبصورة مباشرة، أما المالكي فقد اختير لرئاسة الوزراء من قبل نواب حزبه والمنضوين معهم في تحالف برلماني هش.
يرى كثيرون بأن سنة واحدة في الحكم لا تكفي لتقييم أداء مرسي بموضوعية، لكن سبع سنوات من حكم المالكي هي بالتأكيد أكثر من كافية للحكم على أداءه، وإذا كان غالبية المصريين خلعوا مرسي لعدم رضاهم عن سياساته وقراراته فهل إنجازات المالكي تبرر بقاءه في منصبه طيلة هذه السنين وإلى أمد غير معروف؟ للإجابة على هذا السؤال لا بد من اجراء مقارنة سريعة بين الحالتين.
سكان مصر ثلاثة أضعاف سكان العراق، ولكن موارد العراق المالية أعلى بكثير من موارد حكومة مصر، فبينما يتحكم المالكي بميزانية سنوية تزيد على مئة مليار دولار كانت ميزانية مصر حوالي ٧٥ مليار دولار.
لعل من يطلع على هذين الرقمين يفترض بأن نسبة الفقر في العراق أقل من مصر بفارق كبير، وسيتعجب ويندهش لو أدرك بأن نسبة الفقر في العراق (إحصاءات ٢٠٠٨م) هي عند ٢٥ %، أي ربع السكان في ثاني أغنى بلد بالنفط في العالم، وتدعي وزارة التخطيط العراقية بأن هذه النسبة انخفضت إلى ١٨ % حالياً، وهو ادعاء مشكوك في صحته، أما في مصر فتبلغ نسبة السكان دون خط الفقر ٢٥ % أيضاً، بعد ارتفاعها من ٢١ % في ٢٠٠٨-٢٠٠٩م (البنك الدولي).
قاربت نسبة البطالة في مصر ١٣ % أما في العراق فتقدر بحوالي ١٦ % (٢٠١٢م).
ترتيب مصر على مقياس الفساد: ١١٨ ، أما العراق فهو ثامن بلد في العالم باستشراء الفساد، وترتيبه: ١٦٩.
أما ترتيبا البلدين على مقياس التنمية البشرية للأمم المتحدة (٢٠١٢م) فهما كالتالي: مصر (١١٢) العراق (١٣١)، وهنا السبق لمصر، وبفارق ملموس.
ويتضح من هذه المقارنة السريعة بين بعض المؤشرات الاقتصادية والتنموية التخلف الكبير للعراق مقارنة بمصر.
في السياسة والإدارة كان أداء مرسي والمالكي سيئاً، مع الفارق بالطبع، فقد اقترف مرسي أخطاءً كثيرة، ومنها على سبيل المثال الإعلان الدستوري سيء الصيت واستهانته بالقضاء وعداؤه السافر للإعلام، كما يتهمه خصومه بأخونة الدولة، من خلال تعيين أعضاء حزبه والمتحالفين معهم في مؤسسات الدولة الحيوية، أما المالكي فقد كانت أخطاؤه فادحة جداً، وأبرزها توقيع الاتفاقية الأمنية الاستراتيجية مع الحكومة الأمريكية، وعجزه عن ايقاف الانحلال التدريجي للكيان العراقي، وفشله في القضاء على الإرهابيين، وإعادته أعضاء حزب البعث المنحل إلى وظائفهم، واعتماد معايير غير موضوعية في التوظيف.
ظهر عجز الرئيس المصري المخلوع في تعامله مع أزمة السد الأثيوبي على نهر النيل، وفشل المالكي أيضاً في الحصول على حصة مائية عادلة للعراق في نهري دجلة والفرات من تركيا، وهو متقاعس عن استنقاذ نفط الشمال من الأكراد المتحالفين مع تركيا.
تبجح المالكي بأنه "لن يعطيها" اي السلطة، وهو تصريح يتناقض مع مبدأ تداول السلطة، جوهر العملية السياسية الديمقراطية، التي يكرر حرصه عليها، ولم يصدر حسب معلوماتي تصريح مماثل من قبل الرئيس المصري المخلوع مرسي، لكن معارضيه يشككون في جدية إلتزام حركة الأخوان المسلمين بالعملية الديمقراطية وبالتحديد مبدأ التوازن بين السلطات الذي خرقه مرسي بإعلانه الدستوري.
يقدر عدد ضحايا العنف السياسي والمذهبي خلال تولي الرئيس مرسي الحكم بمائة (أي نسبة واحد إلى مليون من السكان)، أما في العراق فقد بلغ عدد ضحايا الإرهاب والعنف السياسي والمذهبي في عام ٢٠١٢م ٤٥٧٣ (بنسبة واحد إلى ٧٠٠٠ من السكان تقريباً).
اعتراف مرسي بارتكابه أخطاء اثناء السنة اليتيمة التي قضاها في الحكم حدث نادر، في تاريخ حكام العرب من الجاهلية حتى يومنا الحاضر، أما المالكي وعلى الرغم من الكوارث والويلات التي وقعت في عهده على العراقيين بكافة طوائفهم فلم يعترف بتقصيره أبداً، وعادة ما يلقي اللوم على غيره من السياسيين أو مرؤوسيه أو أطراف خارجية.
أخطأ الرئيس المصري فاستحق في نظر غالبية المصريين الاطاحة به، فكان لهم ما أرادوا، لكن وضع رئيس الوزراء المالكي مختلف، فهو يرأس ويرعى نظاماً سياسياً طائفياً فاسداً ومشلولاً، وأداء المالكي كما تبين بالمقارنة أسوأ بدرجات وفي كل المقاييس من أداء مرسي، لكن المالكي ونظامه البائس باقيان، وهنالك من يدعو اليوم لتمديد ولايته، ولو خطرت هذه المقارنة في ذهن مرسي لحسد المالكي، وتمنى لو كان حاكماً على العراق بدلاً من مصر.
٧ تموز ٢٠١٣م