وخلال فترة حكم التسلط السابق وحروبه وسياسته الهوجاء لجأت قياداته "الحكيمة" الى انتهاج اسلوب المقايضة لمعالجة مشاكلها الداخلية والخارجية والتي كانت من صنع يدها. فقايضت الأوضاع في الشمال مقابل اتفاقية الجزائر سنة١٩٧٥، وقايضت كرسي السلطة مقابل الغاء اتفاقية الجزائر، ثم قايضت العودة الى اتفاقية الجزائر مقابل الدعم قبل اجتياح الكويت، وقايضت الانسحاب من الكويت مقابل البقاء في السلطة. ثم قايضت النفط مقابل الغذاء والرضوخ للحصار الى ما شاء الله.
وكحل مؤقت لبعض ازماتنا نرى ان اللجوء الى نظام المقايضة ربما يسهل معالجة الكثير من المشاكل. فبما ان الفساد الاداري والمالي يمثل السبب الرئيسي في حصول الازمات والمشاكل ويقف عائقاً امام حلها يكاد يكون السبب الوحيد في وجود هذه المشاكل، وبما ان القضاء على هذا الفساد وتجفيف منابعه وردم مستنقعاته صار امراً مستحيلاً نتيجة تفشيه واستشرائه كأي داء وبيل بحيث شمل مفاصل الدولة على كافة الصعد والمستويات واتخذ مختلف الاشكال والصور ولبس شتى الازياء للدرجة التي صار فيها الحديث عن: مخافة الله، والضمير، والامانة، والوطنية.. موضوعاً يبعث على التندر ويثير السخرية عند ضعاف النفوس بعدما تسلط عليهم الجشع وتشرب في دمائهم السحت الحرام وغلبت عليهم شهوة الاثراء السريع وجعلهم كشارب ماء البحر كلما زاد شرباً ازداد عطشاً، مضافاً لنهمهم غياب الرادع الحازم بعدما مات وازع الامانة والضمير والوطنية ومخافة الله!. اذاً لا مناص من اللجوء الى نظام المقايضة كأهون حل وبأقل فساد. ولنبدأ بمصيبة الكهرباء: معضلة القرن وكارثة العصر كتجربة اولية لمعالجة المشاكل الاخرى. فمثلاً يتم التعاقد مع اكبر واعظم شركات انتاج ونصب محطات الكهرباء في العالم بتقديم افضل واسرع العروض مقابل كميات من النفط يتم الاتفاق على عدد البراميل وطريقة التسليم وفق شروط مشددة معلنة وان يتم التعاقد والتوقيع امام البرلمان الجديد "اذا انعقد" بأذن الله. ويكون الاستلام والتسليم بأشراف دولي لتضييق الخناق على المفسدين وتفويت الفرصة على المختلسين وابطال العقود الوهمية والصفقات البائرة والسلع الكاسدة ومواد "الاكسباير". ولعب الاطفال التي استوردت على اساس انها محولات كهرباء!. وتتم المتابعة بشكل دوري من قبل الجهات الدولية المشرفة وتقديم الكشوفات والتقارير الى رئاسة البرلمان مباشرة، وعدم تشكيل أية لجنة عراقية لهذا الغرض بعدما صارت بعض اللجان غطاءاً لتمرير الكثير من الصفقات الوهمية وتذويب الكثير من القضايا المشكوك بصحتها، وضياع الكثير من المال العام، وغلق الاكثر من المصائب والبلاوي والملفات وتسجيلها ضد مجهول!. وبعد التأكد من نجاح تجربة المقايضة تعمم على باقي الازمات والمعضلات وكان الله مع الصابرين.