وصفه عقل سياسي كبير لايجامل على حساب الحقيقة مثل هنري كيسنجر بالنموذج الذي يصلح لقيادة المشرق العربي مشيدا بدوره الريادي في قيادة العراق .. امتازت فترة قيادته للائتلاف العراقي الموحد بالقدرة على جمع اكثر مايمكن جمعه من اطياف الشعب العراقي حول الهدف المركزي وهو خدمة العراق الذي كان يمر في اشد اللحظات حراجة من حيث التناحر الطائفي ، والاعمال الارهابية .. تبنى عدة ملفات حساسة وتحرك عليها سواء في تحديد وجهة العراق الجديد ، والافاق المستقبلية للدور العراقي ، او على صعيد اقامة بعض الجسور بين واشنطن وطهران من خلال عدة محادثات مباشرة جرت بين الجانبين بحضور العراق ، وهي كانت الاولى من نوعها منذ انتصار الثورة الايرانية عام ١٩٧٩ وهي مسألة مهمة بالنسبة لعراق المستقبل .. كما تميزت فترة قيادة عزيز العراق ( قده ) بتبني استراتيجية وطنية عراقية لبناء اطار يحمي ويصون مصالح كل العراقيين بمختلف شرائحهم وقومياتهم ومذاهبهم .. ولذلك شاهدنا كيف تحول تشييع جثمانه الطاهر الى تشييع وطني وشامل لكل ارجاء العراق .. حقا انه عزيز العراق وسيبقى عزيزه .
من يعرف القائد الراحل السيد عبد العزيز الحكيم ذلك الانسان المجاهد والعالم الورع والذي قضى كل عمره الشريف في خدمة الدين والامة ، انه انسان لايحب الاضواء الاعلامية ، ويمتاز بقدرة تفاوضية عالية ولذلك اعتمده شهيد المحراب ( قده ) لهذه الغاية ، وكان يمثله في اية مفاوضات مهمة على صعيد العمل ومايتعلق بالشأن العراقي .
منهج عزيز العراق
من الضروري بمكان ان نتعرف على أهم سمات وخصوصيات المنهج لدى عزيز العراق في العمل السياسي والتحرك على الصعيد العراقي والتي هي سمات كل عائلة الحكيم تقريبا خاصة شهيد المحراب ( قده ) وكذلك المنهج الذي يعتمده سماحة السيد عمار الحكيم .
١- الاصالة في التحرك
من الواضح في منهج التحرك لدى ال الحكيم عموما والذي اعتمده عزيز العراق ان يكون تحركا اصيلا نابعا من قيم الدين ، ولاتتقاطع مع خط المرجعية الدينية ، وهذا ماوجدناه واضحا في مواقف وبيانات الراحل الكبير السيد عبد العزيز الحكيم ، الامر الذي جعل المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الاقرب الى مواقف المرجعية من الكيانات الاخرى مع احترامنا وتقديرنا لكل تلك الكيانات .
٢ – الواقعية السياسية
من الملاحظ في منهج التحرك لدى ال الحكيم بمن فيهم عزيز العراق انه يمتاز بالواقعية السياسية بمعنى استثمار الامكانات المتوفرة لخدمة الاهداف المنشودة وعدم التطرف في تبني تلك الاهداف لئلا تضيع حتى الاهداف التي كان يمكن تحقيقها على ارض الواقع ، وهذه مسألة مهمة تفتقد اليها الكثير من الكيانات السياسية وخاصة الدينية منها ، والتي قد يصعب عليها التوفيق بين المبادئ التي تحملها وطبيعة الواقع ومتطلباته ، الامر الذي يعطي خصوصية رائعة لمنهج التحرك لدى ال الحكيم بمن فيهم عزيز العراق ، حيث المزج الرائع بين الثابت المبدئي والمتغير السياسي بما لايشكل خروجا عن القيم والمبادئ الاصيلة ولايغادر متطلبات الواقع وضروراته .
٣ – الخطاب العراقي الوطني
ومن خصوصيات المنهج ايضا تبني خطابا سياسيا عراقيا وكل مايكرس خدمة الوطن العراقي بمختلف تنوعاته واطيافه ، الامر الذي جعل المجلس الاعلى الاسلامي العراقي منذ انطلاقته وحتى اليوم بمثابة الخيمة التي تتسع للجميع وتتبنى مختلف الاطروحات والمشاريع التي تخدم العراق ككل ولاتستثني احدا من القوى التي تنشد الخدمة والعمل على صعيد بناء العراق بما يستحقه كبلد عريق يمثل مهد الحضارات البشرية ، ولديه كل الامكانات المطلوبة للنهوض مجددا ، ولكنه بحاجة الى من يستطيع تحويل تلك الامكانات المتوفرة بالقوة الى الفعل والمنجز على ارض الواقع ، ولانجافي الحقيقة اذا قلنا ان من اكبر هموم عزيز العراق ( قده ) كانت هذه المسالة وهي مسالة معقدة بالطبع وليست سهلة صياغة المعادلات التي من شانها تحقيق كل مايصب في خدمة العراق اولا واخيرا ، ومن المؤكد ان تحركات عزيز العراق على صعيد الداخل والخارج كانت تستبطن تحقيق الاسس الستراتيجية لبناء العراق الجديد وبشكل متمايز عن الماضي ، ويجعله يلتفت الى نفسه وبما يخدم مستقبل الشعب العراقي حيث الامن والتقدم والازدهار .
وأخيرا وليس اخرا نستطيع ان نقول ا ن ال الحكيم الذي تمكن من ايجاد منعطفين في تاريخ العراق الحديث بما تمتلكه هذه العائلة الكريمة من وزن ديني وسياسي اولهما دور الامام محسن الحكيم ( رض ) في اخراج الحوزة العلمية العريقة في النجف الاشرف من العزلة المفروضة عليها وتبني مشروعا ثقافيا كبيرا في العراق ، وثانيهما ماتكلل من تغيير في العراق الذي لاشك كان لمنهج الواقعية السياسية الذي تبناه شهيد المحراب اية الله السيد محمد باقر الحكيم ( رض ) وواصله عزيز العراق دور ملموس في احداث هذا التغيير رغم الاختلاف في طريقة تنفيذه ، ولعل ادراج اسم المجلس الاعلى في ديباجة قانون تحرير العراق دليل على ذلك ، ان كل هذا يقودنا الى اعتقاد بأ ن النهج الاصيل والمبدع لهذه العائلة الكريمة والذي كرسه عزيز العراق بكل شفافية ويواصله اليوم سماحة السيد عمار الحكيم لهو النهج الاقوم لبناء العراق الجديد ، وقد اثبتت الوقائع الماضية وستثبت اكثر في المستقبل صحة ما نقول وهو ليس رجم بالغيب بقدر ماهي قراءة لتجارب الماضي ورؤية للمستقبل ينبغي ان نعرف من خلالها ان ( سر المهنة ) لايزال يحتفظ به خير خلف لخير سلف.
-------------------------
*كاتب عراقي مقيم في السويد