على اثر الانهيار الامني الذي شهدته العاصمة بغداد ومحافظات الوسط والجنوب ومحافظات المثلث السني نتيجة تزايد الهجمات الارهابية وتزايد تفجير السيارات المفخخة والعبوات الناسفة واللاصقة والاسلحة الكاتمة وبعد حادثة هروب مئات السجناء من عتاة المجرمين والقتلة التابعين لتنظيم القاعدة الارهابي من سجني التاجي وابي غريب عرضت قيادة حكومة اقليم كردستان خدماتها لدعم المركز ومساعدته على حفظ ماء وجهه من خلال ادخال عناصر البيشمركة الى بغداد للمساعدة في توفير الامن والقضاء على العصابات الارهابية.. ومؤكد ان مثل هذا العرض سيكون بمثابة طوق النجاة للمالكي واجهزته الامنية المترهلة والمنخورة فجاءت الموافقة سريعة ودون تردد.
واجمالا فان هذا الموقف من الإخوة الكرد موقف مسؤول وينم عن شعور بالمسؤولية والتزام بالثوابت الوطنية وثوابت الدفاع المشترك الا ان هناك الكثير من الاسئلة التي تحتاج الى إجابات بخصوص هذه المشاركة والتي يتعلق قسم منها بالمركز والقسم الاخر بالاقليم ،وما يتعلق بالمركز هو الاهم لان تواجد البيشمركة في بغداد يعني ان الوضع الامني وصل الى حافات الانهيار وان منظومة الدفاع الوطنية فاشلة وان القادة غير مهنيين وان الاستخبارات غير فعالة وان القاعدة والارهاب سجلوا نقاط تفوق وان مئات الالاف من القوات الامنية التابعين للدفاع والداخلية والتشكيلات الاخرى ما هم الا خيالات لا ترد ضيما ولا توقف معتديا.كما ان تواجد البشمركة في بغداد وحول المنطقة الخضراء معقل الحكومة يوصلنا الى حقائق طالما تكلمنا عنها وهي ان كل بناءات الحكومة وخططها وجيوشها الجرارة من الجنود المجندين والمعادين في وزارتي الدفاع والداخلية ومعهم التشكيلات الامنية الاخرى لم يصلوا بعد الى مرحلة الجاهزية والقدرة على مواجهة الخصوم او كسب معركة المدن والشوارع التي تجيد فنونها القاعدة والتنظيمات الارهابية وكل هذا يعود الى السياسات الخاطئة التي تتبعها الوزارات الامنية والى قصور وتخلف العقلية الحاكمة وعدم مجاراتها لمتطلبات المرحلة المتسارعة.
الامر الاكثر سخرية في قبول دعوة الكرد لتواجد البيشمركة في بغداد ينطوي على مفارقة غريبة وهي ان تشكيل البيشمركة قبل اليوم كان محل خلاف عنيف بين بغداد واربيل يتعلق بدستورية وتمويل هذا التشكيل المليشياوي وهذا الخلاف امر شائع ومعروف من قبل الجميع بل ان هذا الخلاف كان قد تسبب بقطيعة بين اربيل وبغداد وصلت حد الاحتراب قبل اشهر مضت عندما اعلنت حكومة بغداد تشكيل قيادة قوات دجلة للوقوف بوجه الكرد والبيشمركة الا ان غزوات القاعدة وتهديم الاسوار جعلت من البشمركة المنقذ والمخلص وتبخرت كل العقبات التي كانت تعرقل مساعي التوافق بين الكرد والحكومة.
عودة على ذي بدا فان الاكراد هم الطرف الاكثر فائدة في كل الظروف التي مرت بالعراق خاصة تلك الفترة التي اعقبت سقوط نظام صدام المقبور.بل هم افضل من يجيد استغلال هذه الفرص.. واعتقد ان الفرصة سانحة للكرد لان يكون البيشمركة حقيقة واقعة للحصول على ما لم يحصلوا عليه طوال السنوات الماضية من اعتراف ودستورية وتمويل وهكذا فان مصائب بغداد فوائد حقيقية لاربيل.