في ٢٠٠٣ لم نشهد سحل وقتل كتموز وشباط قبل عقود.. كنا بحاجة لمرحلة تهدئة ومصالحة واعادة ترتيب الاولويات واستخلاص الدروس. كان التصور ان الاقتصاد والاجتماع سيشهدان انطلاقة حقيقية ويأخذان دورهما كقاعدة وبنية تحتية.. وهذا مبدأ الدستور والانتخابات واضعاً الدولة والسياسة في مكانها الطبيعي كبنية فوقية. لكن عوامل متشابكة، كسقوط القديم والفشل في بناء البديل، والاحتلال، وبقاء اولوية الصراع على السلطة، وبدء العمليات الارهابية.. وازدياد الفوضى وسياسات الشحن القومي والطائفي، جدد بل عمق سياقات الماضي السائرة نحو الاختناق والازمة والانقسام.
لم ننجح في اعادة موضعة السياسة والدولة في مكانهما الصحيح او بنائهما على اسس جديدة، ولم ننجح في ضخ الحيوية للمجتمع والشعب، مواطنين وجماعات، ليستعيد دوره الرائد والاساس.. فشهدنا المحاصصة وهي توزيع الغنائم من اعلى، بينما الشراكة، التي تحميها الدولة، هي انطلاق نشاطات الافراد والجماعات في القاعدة.. حيث تبنى الاصول والحقوق والمنافع التي تنتشر وتوحد، وتتكامل. فالتنافس في المجتمع امر خلاق، الصراع في الدولة، وعليها، امر قاتل.. فان لم تحقق الشراكة اسهمها ومعانيها الحقيقية في قاعدتها، فستعجز الدولة ان تكون محراب الشركاء السياسيين الاجتماعيين.. ليتحول الامر بمجمله الى صفقات ومصالح في القمم.. وتتوقف الدولة كميزان عدل لمركبات المجتمع وفعالياته، لتصبح بديلاً له، بعد احتكارها كل شيء.
فالاولوية اعادة الحيوية واللحمة للمجتمع.. عبر الانطلاق الاقتصادي الذي بطبيعته يسمح لجميع المكونات والشركاء بلعب الادوار واحتلال المواقع عبر المنافع والحقوق والقرارات القابلة للتوزيع في المجتمع.. بينما المحصورة بكراس قليلة في الدولة. فنضخ عوامل القوة والتواصل والوحدة في المجتمع.. ونعيد الحيوية والدور المتوازن والمنصف والموحد للدولة. (للبحث صلة)
عادل عبد المهدي