ربما يصل قول الرئيس الاسد الى حد اليقين حينما صرح قائلا " ان سقوط سوريا هو بمثابة الزلال الذي يضرب المنطقة " .
لقد كتبت في بداية الاحداث حول الازمة السورية بناءا على طلب احد المؤسسات ان هذه الازمة سوف تنتهي بصفقة شاملة بين الدول الكبرى وسوف تذهب الى تسوية شاملة في منطقتنا لكنني لم اتصور ولو مرة واحدة ان الادوات التي تلعب بها واشنطن ومن بينها السعودية سوف تعترض على هذه الصفقة لكون واشنطن وقد حددها من قبلنا الكثير انها تلعب لعبة المصالح وليس لها علاقة بالأخلاق ولا العواطف ومهما كان الزواج بينها وبين السعودية فهو زواجا لا يتعدى الا ان يكون زواجا عرفيا اما على طريقة " المتعة " او "المسيار " وبالتالي سينتهى حالما يصطدم بأي عقبة او مشكلة .
كما ان واشنطن لا ترى في علاقتها مع الرياض اي ندية بل ترى انها حليف تابع مثل اي حليف اخر لكن طول زمن العقد بينهما اوقع الرياض بوهم الحب الحقيقي.
الجميع يعلم ان المنطق السياسي للولايات المتحدة الامريكية قائم على المصلحة والقوة ومن هنا فهي تحترم القوي ولا تحترم الضعيف والساحة السياسية الدولية تشهد بذلك من حرب فيتنام مرورا بأفغانستان حتى العراق مما يدلل على ان السعودية وان لوحت بهجرة البيت الامريكي فهذا لا يعني لها شيء لعدة اسباب منها :
اولا : ان الولايات المتحدة الامريكية لم تعد كما في السابق تعتمد اعتمادا كليا على استيراد النفط من الدول النفطية ومن بينها السعودية التي تعتبر من الدول الاولى المصدر للنفط وبالتالي فان المصلحة التي كانت تربطها مع الرياض انتفت وبالتالي ليس مهما العلاقة بينها.
ثانيا : لا يوجد مشترك للمقارنة للقوة بين واشنطن والرياض وبالتالي فأن كان هناك مصالح للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة فلا تمتلك الرياض القوة التي تستطيع بها ان تهدد مصالح واشنطن.
ثالثا : ان اهم مصلحة للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة هي امن " اسرائيل " ولا يوجد اي خطر من الرياض على هذا الكيان بل على العكس هناك تقارير تشير الى ان الرياض ترتبط بعلاقات سرية مع " اسرائيل ".
رابعا : لا يوجد لدى الرياض اي مقومات للقوة الطبيعية او المصطنعة سوى انها بلد نفطي تقع غالبية ثرواته في المنطقة الشرقية.
كما ان هناك اسباب اخرى لا يمكن لي عدها وحصرها في هذا المقال المتواضع ولهذا تبدو ان واشنطن غير مكترثة ب احمرار الوجه السعودي وغضبه .
لكن السؤال المهم هو ماذا لو غضبت واشنطن على الرياض ؟ وهي المعروفة بسياستها الذرائعية والقائمة على تسويق الحجج من اجل ضرب اعدائها وتأديب خصومها وبإمكان واشنطن ان تهز عرش الرياض بتقطيب حاجبيها فقط ومن خلال امور عدة منها:
اولا : ان واشنطن تعلم ان اول دولة سوقت الفكر المتطرف الارهابي الذي غزى امريكا بعقر دارها في تفجيرات الحادي عشر من ايلول هو قادم من المملكة السعودية وان اغلب المنفذين لتلك العملية هم من حملة الجنسية السعودية.
ثانيا : ان واشنطن تدعى انها حاملة لراية الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وتدافع عنها بقوة كما حصل في بلدان " الربيع العربي " وان المملكة هي من اسؤا الدول بالعالم في مسألة الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق المرأة ومن هنا يتحتم على واشنطن ان تنظر الى السعودية على انها دولة متحجرة تهدد الحريات الشخصية والدينية والسياسية وبالتالي هي بحاجة الى " ربيع عربي ".
ثالثا : ان واشنطن تدعى انها تحمي القانون الدولي ولا تسمح لأي دولة خرقه من خلال التدخل في شؤون البلدان الاخرى وان السعودية خرقت القانون الدولي من خلال تدخلها في مصر وسوريا والعراق ودعمها للإرهاب بشكل واضح.
رابعا : ان ملف التعاون الامني السري بين الرياض وواشنطن وعلى مدى عقود هو ملف شائك وغامض وهو بيد الاستخبارات الامريكية وبالتالي ان كل اسرار المملكة هي بيد واشنطن وهذا ما يجعل الامن القومي السعودي كله مكشوفا امامها وهذا ما يمنح القدرة لواشنطن ان تتلاعب بالرياض كيف ما تشاء.
هذه المسوغات وغيرها يمكن لواشنطن استغلالها واستخدامها للإطاحة بالعرش السعودي في حال خرجت الرياض من دائرة التبعية الامريكية العرش الذي اصبح متهرئا بسبب القدم والكلاسيكية خصوصا ان هناك تمرد واضح في شباب العائلة المالكة الذي يموت احدهم ولا يصل الى سدة الحكم اضافة الى المعارضة التي تريد وتطالب بتطبيق الديمقراطية والحقوق السياسية المعدومة في المملكة السعودية التي لازالت حتى الساعة تطبق حكم الاعدام على الانسان بالسيف.
وفي نهاية الموضوع استطيع القول ان خروج الرياض من بيت الطاعة الامريكي سوف يعجل بسقوط عرش عبد العزيز ال سعود الذي دام اكثر من سبعون عاما.