مع تسارع الأحداث في العراق والمنطقة ، وبرعاية سماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ، عَقدت عصر الأربعاء ١٦ / ٣ / ٢٠١١ الجلسة الأسبوعية للملتقى الثقافي بحضور جمع غفير من السياسيين والإعلاميين والنخب المثقفة من الرجال والنساء ، فضلا عن وجهاء العشائر العراقية الذين توافدوا على المكتب الخاص من مختلف مناطق العاصمة بغداد.
في محاضرته السياسية استنكر سماحة السيد عمار الحكيم المجازر الوحشية التي يتعرض لها أبناء الأمة العربية على يد السلطات الحاكمة ، مشيرا الى التعامل الوحشي والهمجي الذي ينتهجه النظام الليبي حينما يقوم بالقتل والفتك بالمحتجين والمطالبين بالحرية والكرامة والإصلاحات السياسية في التداول السلمي للسلطة ، مؤكدا على ان الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي من قبل الجامعة العربية وبعض الدول الغربية يمثل خطوة اساسية في الوقوف الى جانب الشعب الليبي وتحقيق مطاليبه العادلة في الديمقراطية والحرية والكرامة والرفاه الاجتماعي ، مشددا على ان المواطن العربي اليوم يبحث عن العدالة الاجتماعية الضائعة ويدفع ضريبة كبيرة من اجل الوصول وتحقيق هذا الطموح وهذه الرغبة في الوقت الذي نلاحظ فيه سقوط العديد من الضحايا وعلى مرأى ومسمع من العالم .
وفي جانب اخر من محاضرته السياسية اكد سماحته على ان الحوار البناء وتفهم طموحات الشعب البحريني وإجراء الإصلاحات السياسية تُعد بوادر حسن نية يمكن ان تقوم بها الحكومة البحرينية لتلافي كل المواقف المتشنجة في البلاد ، مشيرا الى ان استقدام قوات من خارج البحرين قد يشجع على استقدام قوات خارجية أخرى وقد يطور مطاليب المحتجين في تقديم الخدمات الى صراعات سياسية تنعكس سلبا على المنطقة برمتها .
وفي تسليطه الأضواء على الشأن المحلي أكد سماحته على ان المسيرات والتظاهرات والاحتجاجات التي قام بها ابناء الشعب العرقي قد حققت بعض ثمارها من خلال اتخاذ الإجراءات العادلة في الاستماع الى معاناة المواطن وتحديد سقف زمن لتقييم عمل المسؤولين ، كما جدد سماحته التأكيد على مطاليب الشعب العراقي في تلبية احتياجاته الخدمية الضرورية ومليء الشواغر من الوزارات واتخاذ الخطوات العاجلة من قبل المسؤولين وإشعار المواطن بالثقة في التعامل مع ما يطالب به في توفير الحاجات الضرورية وفرص العمل والعيش الكريم ، مشددا على ان الظرف الذي نعيشه اليوم يتطلب تعاونا متزايدا من القوى السياسية المشاركة في الحكومة لما يعزز الشراكة الحقيقية ويكرس الإمكانات الهائلة لخدمة المواطنين .
كما تطرق سماحة السيد عمار الحكيم في كلمته الى العديد من القضايا المهمة التي تحفل بها الساحتين العر بية والمحلية ،
وفيما يلي نص كلمة سماحته السياسية في الملتقى الثقافي
المواطن العربي يبحث عن العدالة والكرامة
لازلنا نتابع بحرص واهتمام كبير مايجري في المنطقة العربية من تطورات مهمة وحراك شعبي واسع في الوطن العربي لاستعادة الكرامة والحريات والحقوق السياسية والمطاليب المعيشية والخدمية وما الى ذلك مما يناشد به المواطنون في العالم العربي والرغبة في تتظيم حياتهم وتأطيرها في دساتير وقوانين وانتخابات وتداول سلمي للسلطة الى غير ذلك مما نتابعه ونسمعه عبر وسائل الاعلام المختلفة . ان المواطن العربي اليوم يبحث عن العدالة الاجتماعية الغائبة ويبحث عن العزة والكرامة المفقودة ، يبحث عن لاحترام اللائق من الأنظمة العربية ويدفع ضريبة كبيرة من اجل الوصول لتحقيق هذا الطموح وهذه الرغبة ونلاحظ الضحايا يسقطون بالمئات في الدول العربية على مرأى ومسمع من العالم ، هناك ثورات لشعوب تسلط الأضواء عليها وتحظى بتعاطف إقليمي ودولي كبير وهناك شعوب تقوم بنفس الدور في ظل تعتيم شديد وحصار كبير ومساعي لإظهار الأمور على غير واقعها وكما تجري على الأرض .
وحشية النظام الليبي
نجد الهمجية والوحشية لدى النظام الليبي في تعامله مع شعبه الأعزل واستخدام الأسلحة الثقيلة والدبابات والطائرات لقمع الشعب الليبي وهم يسقطون بالمئات ويستصرخون الضمير العربي والعالمي لنصرتهم في المحنة التي يعيشونها ، انهم يُقمعون لانهم ينشدون الحرية ويطلبون عزتهم وكرامتهم ، ان الاعتراف بالمجلس الانتقالي في ليبيا من قبل جامعة الدول العربية والعديد من الدول الغربية يمثل خطوة مهمة وأساسية للوقوف إلى جانب الشعب الليبي وإيصال رسالة التضامن الى جانب هذا الشعب الكريم ووضع حد لنزيف الدم المستمر في هذا البلد العربي الشقيق .
ثورة الشعب اليمني
وفي اليمن استهداف المتظاهرين والمسالمين وسقوط مئات الضحايا سوف لن يعالج المشكلة وسوف يزيد من حماس أبناء الشعب اليمني في متابعة جهودهم لاستعادة عزتهم وكرامتهم وبناء نظام سياسي يوفر لهم طموحاتهم المشروعة في الحياة الحرة والكريمة .
استهداف وظلامة الشعب البحريني
وهكذا الحال في مملكة البحرين هذا البلد الخليجي الكريم والذي يشهد تطورات غير مسبوقة في التعامل مع ابناء الشعب البحريني من قبل القوى الأمنية واستقدام قوات من خارج الحدود البحرينية لاستهداف هذا الشعب والتضييق عليه والدعوة لحالة الطواريء واستهداف المواطنين الأبرياء العزل مما أدى الى سقوط المئات من الضحايا في ظل تعتيم إعلامي كبير من قبل وسائل الإعلام المؤثرة والمهمة في الوطن العربي ، ان الشعب البحريني يدفع ضريبة المظاهرات السلمية والاحتجاجات الحضارية للتعبير عن طموحاته ومطاليبه المشروعة في الإصلاح السياسي ، ومن المؤسف ان تستخدم الأجهزة الأمنية بملابس مدنية لممارسة البلطجة والإساءة إلى الناس وقمعهم وملاحقتهم في أماكن عديدة ويتطور المشهد لتدخل القوات الوافدة من خارج الحدود لتستهدف الناس وتقمعهم ويسقط المئات من الضحايا ، ان مثل هذه المواقف ستعقد المشهد البحريني الى حد كبير وستجعلنا أمام تطورات ومفاجآت كبيرة ولابد من التذكير من جديد على أهمية الموضوعية في تقييم الأمور وقراءة الساحة قراءة دقيقة وموضوعية من قبل القيادة البحرينية التي تمنينا لها الاحتفاظ بالحكمة ومنطق الحوار والانفتاح والتواصل مع أبناء شعبها وتفهم مطاليب المواطنين المشروعة وتوفير المناخات الملائمة والمناسبة لإنجاح الحوار بين القيادة البحرينية وبين أبناء الشعب البحريني الشقيق ، إن مثل هذه الإجراءات هي التي تحافظ على النظام والاستقرار في هذا البلد الشقيق ، إن الشعب البحريني بكل شرائحه وطبقاته وتعدداته المذهبية هو شعب وطني منشد إلى وطنه وينطلق من مصالح هذا الوطن في بناء تطلعاته وتحديد طموحاته المشروعة ، وأن اتهامه بالتآمر والابتعاد عن الحس الوطني إنما ينطلق من نظرة أحادية وغير موضوعية وغير منصفة لواقع هذا الشعب الكريم ، كما ان المطاليب المشروعة لابناء الشعب البحريني في الإصلاح السياسي وفي الانتخابات العادلة وفي المطالبة بالقضايا الحياتية التي يطرحها لتحسين أوضاعه المعيشية وصولا الى الملكية الدستورية التي يناشد بها انما هي مطاليب مشروعة ، كما ان المسيرات والاحتجاجات السلمية التي خاضها هذا الشعب الكريم انما جاءت لتحقق هذه المطاليب وتشجع القيادة البحرينية للاصغاء والاستماع لها وهذه الاحتجاجات مكفولة لكل الشعوب في ان تعبر عن حقوقها ومطاليبها . ان الحوار البنّاء وتفهم طموحات الشعب البحريني واجراء الاصلاحات السياسية الحقيقية في البحرين تعد بوادر حسن نية يمكن ان تقوم بها القيادة البحرينية لتهدئة الأوضاع وتطييب الخواطر وإيجاد الفرص الملائمة للملمة الأمور وحل المشاكل لان الطرق العسكرية لايمكن ان تكون طريقا للحل وان استخدام القوة سوف يزيد الأمور تعقيدا ويجعل المشهد يتطور بسرعة كبيرة باتجاهات يصعب السيطرة عليها ، كما ان استقدام خارجية قد يشجع على تدخلات خارجية أخرى مما ينقل المشهد المحلي البحريني الى مشهد إقليمي له مضاعفات كبيرة ويطور المطالبات السياسية والخدمية في الواقع البحريني اليوم الى صراعات ذات أبعاد أخرى يخاطر من خلالها بالعلاقات السياسية والاجتماعية داخل البحرين وفي المنطقة برمتها . ان الدرس البليغ في التجارب المشابهة في المنطقة يؤكد على ان استعداء الشعوب واستخدام القوة والسلاح في معالجة مثل هذه الاحتجاجات الواسعة لايمكن ان يمثل الطريق المناسب والملائم لحل هذه الاشكاليات وانما سيدفع بالمتظاهرين والمحتجين الى ردود أفعال شديدة قد تقطع الجسور والصلة بينهم وبين النظام السياسي مما سيجعلنا أمام ظروف حساسة وخطيرة علينا ان نتجنبها وهذا ما يستدعي أن نستحضر لغة الحوار والمنطق وان ترفع أصوات الوسطية والاعتدال لتهدئة الأوضاع ومعالجة هذه المشاكل . ان استقرار البحرين يكون ببناء حكومة بحرينية وطنية ممثلة لجميع أطياف الشعب البحريني ، تمثل السنة والشيعة وينتخبها جميع أبناء الشعب البحريني في انتخابات عادلة معبرة عن ارادة الجميع .
الوضع العراقي..
على المستوى العراقي نعتقد ان المسيرات والاحتجاجات السلمية التي تمت من قبل الشعب العراقي حققت بعض ثمارها من خلال التركيز المتزايد على مطالب الناس والاستماع لقضاياهم واتخاذ الإجراءات العاجلة لحل هذه المسائل والمطاليب الحقة والمشروعة وهذا مانراه في مجلس النواب من خلال الاجراءات المتخذة لتسريع عملية تشريع القوانين وايضا من خلال الحكومة من خلال وضع سقف زمني قصير يتمثل بمئة يوم لمعالجة الإشكاليات ولوضع صورة عن خارطة الطريق المطلوبة لحل المشاكل من قبل الحكومة وفي تقييم الأداء الوزاري ، ان استضافة دولة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والسادة الوزراء الى مجلس النواب وايضاح الخطوات التي يقومون بها لتلبية احتياجات المواطنين ومعالجة المشاكل تعتبر خطوة مهمة تعزز الدور الرقابي لمجلس النواب وتساعد على مزيد من الشفافية والوضوح للمواطن العراقي بالخطوات التي تقوم بها الحكومة الموقرة في تلبية مطاليبه ، اننا نجدد مطاليب هذا الشعب الكريم بتليبة احتياجاته الخدمية والحياتية الضرورية ومليء الشواغر الوزارية ولاسيما الوزارات الامنية باسرع وقت ممكن واتخاذ الخطوات العاجلة من قبل المسؤولين باشعار المواطن بالثقة وبان هناك عملا جادا حقيقيا يجري لتلبية احتياجاته وتحقيق طموحاته ، ان رفع الحواجز الكونكرتية غير الضرورية وتقليل السيطرات وتسهيل عملية المرور للمواطنين في الحركة والتنقل من مكان الى اخر سيترك اثرا طيبا في نفوس المواطنين وهي خطوة تشكر عليها الاجهزة الامنية المختصة ، ان الظرف الذي نعيشه اليوم يتطلب تعاونا متزايدا بين القوى السياسية والكتل النيابية والقوى المشاركة في الحكومة وتكاتفا وتعاضدا وتماسكا في اطار الكتلة الواحدة وبين الكتل السياسية المتعددة مما سيعزز الشراكة الحقيقية ويكرس الجهود والطاقات والإمكانات الهائلة في خدمة المواطنين وحل مشاكلهم ان ذلك يتطلب المزيد من الاهتمام في تفعيل الاتفاقات السياسية المبرمة بين الأطراف وتعزيز آليات الشراكة الحقيقية التي تشعر الجميع على انهم فريق عمل واحد يعملون سوية ويكرسون جهودهم لخدمة هذا الشعب الكريم .
كركوك ...العراق المصغر
ان موضوع كركوك يمثل واحدة من الملفات الأساسية والحساسة التي تشغل المواطنين العراقيين في مختلف المحافظات العراقية ولابد من التأكيد على ان كركوك هي مدينة كركوكية عراقية لها خصوصيتها في ظل الخيمة الوطنية العراقية وتعايش الناس فيها على مختلف مكوناتهم وتوجهاتهم القومية والدينية والمذهبية والسياسية كانت السمة البارزة لهذه المدينة والتي تعبر عن العراق المصغر وعن الفسيفساء العراقي في تاريخ طويل ولذلك نؤكد على أهمية الحوار والجلوس على طاولة من قبل الأطراف المعنية لتهدئة الأوضاع وحل الإشكاليات على قاعدة الالتزام بالدستور والقانون والاتفاقيات المبرمة بين الأطراف السياسية .
السجناء السياسيين وضرورة إنصافهم
ان السجناء السياسيين يمثلون شريحة مضحية تحملت الكثير من أجل أن نعيش بعزة وكرامة وتحملوا كل هذا العذاب في تلك الزنازين المظلمة وتلك السجون حتى وصلنا الى ما وصلنا إليه اليوم في بناء تجربتنا السياسية الجديدة ، ان هذه الشريحة موضع تثمين وإشادة من قبل جميع أبناء الشعب العراقي وأن الشعب الذي يكرم ابناءه ومضحيه ومجاهديه وسجناءه انما يكرم نفسه والقيم التي ضحى من أجلها ، ان من حق السجناء السياسيين علينا إجراء الإصلاحات الضرورية في مؤسسة السجناء المعنية بحل مشاكلهم ورعايتهم ومراعاة العدالة في توزيع المنح المخصصة لهذه الشريحة والتواصل معهم والاستماع اليهم من قبل المسؤولين المعنيين ، وهنا انتهز هذه الفرصة لاعبرمن جديد عن شكري وتقديري واعتزازي بهم جميعا .
حلبجة .. صورة دموية للنظام الصدامي
نعيش في هذا اليوم ايضا ذكرى مجزرة حلبجة والتي مثلت أبشع صورة من الصور الدموية للنظام الصدامي حيث سقط الآلاف من الشهداء في غضون دقائق معدودة من الاطفال والنساء والكبار والصغار من خلال استعمال الاسلحة الكيمياوية الفتاكة في عملية ابادة جماعية في ظل تعتيم اعلامي كبير في ذلك الوقت ، فسلام على أولئك الشهداء وتحية إجلال وإكبار لعوائلهم ونتمنى إدراج هذا الحدث التاريخي الكبير كما المقابر الجماعية في المناهج الدراسية لتبقى درسا مهما عن تضحيات هذا الشعب الكريم نستذكره ونردده جيلا بعد جيل ليعيش في ضمائرنا ونتعرف على حجم التضحيات التي قدمها الشعب العراقي ليعيش حريته في وقتنا الحاضر .
نتعاطف مع الشعب الياباني
تابعنا الزلزال المدوي والتسونامي الذي شهدته اليابان وهو الأعنف في الكرة الأرضية منذ أكثر من مئة عام والخسائر البشرية والمادية الفادحة التي تحملها الشعب الياباني الشقيق ونعبر عن تضامن الشعب العراقي مع الشعب الياباني في هذه الكارثة الانسانية ونتمنى السلامة والاستقرار لجميع شعوب العالم .