الرئيس جلال الطالباني المحترم...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقد خضنا سوية - فخامة الرئيس- معارك صعبة سواء في فترة العمل على إسقاط النظام السابق أو لبناء النظام الجديد، وقد كان التعاون بيننا نموذجاً للتعاون الأخوي المخلص للتخلص من الظلم والإستبداد أو لبناء الوطن والدولة.. لقد إستطعنا – كقوى سياسية وجماهير شعبية- أن نصل إلى تخليص بلدنا من الإستبداد والطغيان.. وقام الشعب في عملية إستفتاء تاريخي بإقرار دستور دائم وإنتخابات تشريعية شكلت بداية الطريق لإصلاحات شاملة.. وأستطعنا من مواقع الدولة ورئاسة الجمهورية أن نصل إلى نتائِج، غير كاملة يقيناً، لكنها مهمة في منح شعبنا حقوقاً عملية واسعة ما زال الكثير من الشعوب يسعى للحصول عليها. عملنا سوية لتخليص العراق من أحكام الحصار والعقوبات والعودة بالعراق إلى أوضاعه الطبيعية قبل القرار رقم٦٦١ لعام١٩٩٠ الذي أعقب إجتياح الكويت.. وأن ننهي قرار الإحتلال رقم١٤٨٣.. ونخلص العراق من المديونة الثقيلة المكبلة له ولمصالحه العليا.. وأستطعنا أن نصمد أمام الإرهاب وأن نضع اللبنات الأساسية في الإتفاق على خروج القوات الأجنبية في نهاية عام٢٠١١.. وهذه كلها منجزات تاريخية، رغم إستمرار الكثير من الصعوبات والعقبات والمظالم والثغرات.. وخلال كل تلك الأيام الصعبة، إستطاعت رئاسة الجمهورية ان تلعب دور صمام الأمان سواء في الأوضاع الصعبة التي مرت بها البلاد داخلياً والتي وصلت إلى شفير الحرب الأهلية، او في تطبيع العلاقات مع دول العالم وخصوصاً مع دول الجوار، بكل التعقيدات والموروثات الصعبة المتداخلة المعروفة.
أخي فخامة الرئيس.. اشكركم على الثقة الفائقة بطلبكم أن نستمر- الأستاذ الهاشمي وأنا- في ممارسة مهامنا كنائبي رئيس الجمهورية.. كما أشكركم على ترشيحكم لنا لهذا المنصب الرفيع والذي أن دل على شيء فعلى الثقة العظيمة التي نتمتع بها لديكم. لكنني، بعد تفكير معمق بمسارات الأمور وتشخيص المصالح العامة للبلاد وصلت إلى قناعة واضحة بأنني لن أستطيع تأدية واجباتي ومسؤولياتي أمامكم وأمام شعبنا بالشكل الصحيح، لذلك أرجو من فخامتكم سحب ترشيحي لهذا المنصب، مع كامل تقديري لكم ولكل القوى السياسية والوطنية الداعمة لهذا الترشيح.
فخامة الرئيس.. رغم قساوة العمل السياسي في العراق والتضحيات الهائلة المعنوية والجسدية التي يتطلبها، لكنني لا أجد لنفسي خياراً غير إن أستمر في إعتبار نفسي جندياً صغيراً لخدمة شعبنا وقضاياه. لقد فصلت من مدرستي الثانوية في عام١٩٥٧ بعد الإشتراك بمظاهرات العدوان الثلاثي لعام١٩٥٦ وأنا أبن الرابعة عشر يومها، لإنخرط كلياً منذاك وإلى يومنا هذا في خدمة القضايا العامة للبلاد.. لم أتوقف يوماً عن العمل، مطارداً وسجيناً ومحكوماً وتحت التعذيب وفي أهوار العراق أو مدنه أو جبال كردستان أو المنافي والمهاجر، بالتظاهر ورفع السلاح وتجنيد القلم والتنظيم والخطاب والإعتصام والعمل السري والعلني والإتصال بالمنظمات والدول، لنصرة شعبنا ورفع الحيف والظلم الذي لحق به. إنني فخور أنني قضيت أكثر من نصف قرن في كفاح مرير.. لم نحقق كل ما يطمح إليه شعبنا. فالطريق ما زال طويلاً.. لكننا – بالمقابل – لم نألُ جهداً وأستطعنا – بتضحيات عظيمة يتقدمنا شهداؤنا وأخواننا وأهلنا وشعبنا – من وضع الأسس الراسخة في الطريق الصحيح الذي سيتخلله الكثير من التعرجات والإنعطافات والصعوبات، لكنه طريق واضح معروفة مآلاته التي من شأنها أن تحقق العزة والرفاه والسؤدد والتقدم لشعبنا، إن شاء الله.
فخامة الرئيس.. أتمنى لكم ولبقية أخواننا وافر الصحة داعياً العلي القدير أن يكلل أعمالكم بالسداد والنجاح، إنه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عادل عبدالمهدي
بغداد ٢٥ آذار ٢٠١١