حتى رد عليه رئيس التحالف الوطني الحاكم في العراق عمار الحكيم بالدعوة الى حوار اقليمي يظم كلاً من العراق وتركيا ومصر بالاضافة للملكة السعودية وايران .
وقال الحكيم في الاحتفالية التي اقامها المجلس الاعلى الاسلامي العراقي بمناسبة دينية , الاربعاء , ببغداد” العام المقبل في العراق سيشهد الكثير من الاحداث والمتغيرات ونحتاج الى قرارات صعبة وجريئة وحاسمة وعلينا ان نكون على قدر المسؤولية المناطة بنا لقيادة هذا البلد الى شاطئ الأمان “.
واضاف” باتت احداث المنطقة متداخلة ولهذا فان عقد اجتماع على مستوى القمة بين دول المحور في المنطقة { ايران والسعودية وتركيا ومصر والعراق } اصبح حاجة ملحة لاعادة ترتيب الاوضاع ووقف النزيف”.
واشار الحكيم , الى ان” العراق دولة مستقلة ذات سيادة وعلاقاته الخارجية تتم بقرار عراقي خالص ولا يحتاج الى وصاية من احد.. والمنطقة تغلي على نار المشاكل الداخلية لجميع البلدان ولذلك ننصح الجميع ان يهتموا بشؤونهم الداخلية بدل التدخل في الشأن العراقي” .
الحكيم يذكر بفتوى الحياة للسيستاني
وذَكر عمار الحكيم بفتوى اية الله علي السيستاني حين قال ” تمر علينا ذكرى فتوى الجهاد الكفائي لسماحة الامام السيستاني , والتي اعتبرت خطوة مفصلية غيرت توازنات المعركة ضد الارهاب الداعشي لصالح العراق وشعبه، وكانت الانطلاقة الكبرى لتحرير الارض المغتصبة والدفاع عن المقدسات” .
وتابع” لم تقتصر الفتوى على البعد العسكري وانقاذ الموقف وانما اتسعت لتشمل البعد الانساني في ايواء النازحين وتقديم الخدمات الضروريةلهم وقد جابت فرق المرجعية العليا ووفودها ، اضافة الى الفعاليات الشعبية والمواكب الحسينية والمحسنين ، مختلف المحافظات والمناطق وقدمت مساعدات هائلة بتواضع وسخاء ، كما وشملت رعاية عوائل الشهداء والجرحى والمصابين ما جعلت معركتنا الضروس مع الارهاب معركة ذات طابع انساني” .
واوضح” نحن نقاتل من اجل احلال السلام واشاعة الخير وتكريس التعايش بين المواطنين واعمار الوطن وازدهاره . ورسالتنا في هذه المعركة رسالة الحياة والامل والمستقبل المشرق للوطن والمواطن . وقد ساهمت هذه الفتوى المقدسة بتحويل المعركة من معركة طائفية كما ارادها الارهابيون ، الى معركة وطنية تقضي على الطائفية والعنصرية وترسخ اللحمة الوطنية وتوحد الشعب العراقي في هذه المواجهة كما ارادتها المرجعية العليا “.
ايران و السعودية امام فرصة تاريخية للحوار
وتأتي دعوة الحكيم هذه , بعدما شهدت العلاقة الايرانية – السعودية في الآونة الاخيرة اتجاها نحو التعديل في سياستها والعمل على التعاون بين البلدين. حيث أعلن محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني، عن أن بلاده والسعودية تمكنا من وقف عرقلة عملية الإنتخابات الرئاسية في لبنان، محققان نجاحا بانتخاب ميشال عون رئيسا للبنان. مؤكدا أن إيران والسعودية يجب أن تعملا للمساعدة على إنهاء الصراعات في سوريا واليمن بعد نجاحهما في التعاون بشأن لبنان العام الفائت.
مقابل، إعلان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أنه إذا أبدت إيران حسن النية وأوقفت تدخلاتها في الدول العربية وخاصة في البحرين واليمن وسوريا والعراق، فالسعودية ليس لديها مانع من بناء علاقة جيدة مع إيران. .
وبعد ذلك ما تم تداول عن دعوة السعودية لإيران للتباحث بشأن موسم الحج المقبل، وذلك بعدما غابت إيران عن لقاءات التنسيق على خلفية حادثة المنى قبل سنتين التي قضى فيها مئات الحجاج الايرانيين من بينهم السفير الايراني في لبنان غضنفر الركن ابادي.
هذه الإتجاهات التي أشارت إلى فتح صفحة جديدة بين البلدين إصطدمت أمس بتصريحات الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد السعودي، حيث صرّح أن السعودية “لن تُلدغ” من إيران مجدداً، مشدداً على أنه لا توجد نقاط الاتقاء بين الرياض وطهران للحوار والتفاهم.
وأضاف الأمير محمد بن سلمان خلال مقابلة حصرية مع قناة “الإخبارية” السعودية الرسمية، مع الإعلامي داود الشريان، رداً على سؤال ما إذا كانت السعودية قد تقيم حواراً مع إيران: “كيف أتفاهم مع واحد أو نظام لديه قناعة مرسخة بأنه نظام قائم على أيدولوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره ومنصوص عليها في وصية (زعيم الثورة الإيرانية الراحل، روح الله الموسوي) الخميني بأنه يجب أن يسيطروا على مسلمي العالم الإسلامي ونشر المذهب الجعفري الاثني عشري الخاص فيهم في جميع أنحاء العالم الإسلامي حتى يظهر المهدي الذي ينتظرونه.. هذا كيف أقنعه؟ وما مصالحي معه؟ وكيف أتفاهم معه؟”
وأكّد بن سلمان أنه: “لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران وليس في السعودية”.
وجاء الخطاب التصعيدي للسعودية، بعد الليونة التي أظهرها الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بأن دولته على استعداد لتحسين علاقاتها مع المملكة، رُغم ما وصفه باستعداد الرياض لـ”التعامل بشكل غير لائق” مع طهران، عازياً ذلك إلى “خسائر” المملكة في سوريا واليمن، على حد تعبيره..
واتهمت إيران المملكة العربية السعودية بـ”السعي إلى إثارة التوتر في المنطقة”، مشيرة إلى تصريحات ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن استبعاد الحوار مع طهران، ووصفتها بـ”الهدامة”.
ونقلت وكالة الطلبة للأنباء (إسنا) عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي قوله الأربعاء: “هذه التصريحات دليل على أن السعودية تدعم الإرهاب وتسعى إلى سياسات المواجهة والدمار في المنطقة وتجاه إيران”.
تركيا ومصر فرصة انهاء صراع المصالح
يرى بعض المحللين لشؤون الشرق الاوسط ان دعوة عمار الحكيم للدول المؤثرة اقليماً في الشرق الاوسط فرصة لتحويل صراع المصالح الى تكامل المصالح , اذ أظهرت التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط أن أردوغان قد أخطأ في خططه وتقييم كل الأحداث الإقليمية المحيطة بالحكومة التركية، ويبدو أن حزب العدالة والتنمية كان يرى أنه بإمكانه توظيف كل الأحداث والتطورات الميدانية التي وقعت بالدول العربية وخاصة سوریا كوسیلة للتقرب من الولايات المتحدة الأمريكية والدخول في الاتحاد الأوروبي.
وفي السياق ذاته، نرى أن الحكومة التركية قد اتخذت سياسات متغيرة ومختلفة بنوعها مع الدول العربية التي كانت تختلف على مر الزمن وبتغير الظروف السياسية وذلك كله لتحقيق ومتابعة أهدافها الجيوسياسية والجيواقتصادية ونزعاتها القومية والعثمانية.
ويمكننا اعتبار العلاقات المصرية – التركية مثالاً واضحاً على ما ورد آنفا؛ إذ نرى أن بعد التطورات التي حدثت في مصر إثر الربيع العربي والإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك وتنصيب محمد مرسي رئيساً لمصر في يونيو ٢٠١٢م، أن رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، آنذاك، كان أول رئيس يزور القاهرة ويلتقي بمحمد مرسي وبعد ٣ يوليو ٢٠١٣ والإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، اتهم أردوغان حكومة الجنرال عبد الفتاح السيسي بعدم الشرعية، قائلا إن النظام المصري استولى على الحكم بالانقلاب ووضع كل الحريات تحت قدميه، ما أدى إلى خلق اختلافات كثيرة واتساع الفجوة بين الطرفين وإعلان تركيا رسميا في ١٨ يوليو قطع علاقاتها بمصر.
واليوم، يمكن إرجاع سبب تدهور العلاقات المصرية التركية إلى تنافس الحكومة التركية مع دول الجوار للسيطرة على المنطقة سياسياً وعسكرياً؛ إذ يمكننا أن نعزو كل تحركاتها العسكرية إلى هذا الأمر كتدخلها الواسع في سوريا ودعمها للجماعات الإرهابية وإنشاء قاعدة عسكرية في قطر عام ٢٠١٥ وأخرى في خليج عدن قرب السواحل الصومالية عام ٢٠١٦ ومباحثاتها السرية مع البشير لإنشاء قاعدة أخرى في السودان، كما لا ننسى نزعتها القومية العثمانية التي صنعت منها دولة شبه استعمارية، كذلك يمكن اعتبار الجذور التاريخية للعساكر المصريين الحاليين المنشّئين على نفس نهج ناصر وقوة مصر العسكرية والسياسية، عاملا كبيرا في جعل الحكومة المصرية أن تتخذ تركيا العدو الأول لها في المنطقة.
وجاء التقرب التركي من السعودية بعد التوترات التي حدثت بينها وبين مصر في ١٣ فبراير ٢٠١٧ تعميقا لهذه الاختلافات وتضعيفا لعلاقات مصر الخارجية مع دول الجوار، بالطبع، فإن تركيا عقدت مباحثات مع مجلس التعاون الخليجي في ١٣ أكتوبر الماضي بخصوص سوريا، وظهر أنه كلما تقربت السعودية من تركيا، زاد ذلك من مسافات علاقاتها مع مصر، وتعزّز هذا التصور بعد استباق السعودية القمة، وتوقيع شركة أرامكو ١٨ اتفاقية استثمار مع شركات تركية، بعد قطع إمدادها لمصر، كما تسبب لقاء وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد في ١٦ أكتوبر الماضي، مع الرئيس التركي أردوغان، في التكهنات بشأن مستقبل العلاقات بين مصر والإمارات، خصوصا أنها تعد أول زيارة من مسؤول إماراتي إلى تركيا بعد سنوات من التوتر بين البلدين، التوتر الذي كان ناتجا عن الانتقاد الحاد للرئيس السابق محمد مرسي، وكذلك عداء تركيا مع الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
فهل تنجح دعوة الحوار الشيعية التي اطلقها عمار الحكيم الموثقة بفتوى الحياة لأية الله السيستاني بكبح جماح دعاة الإقتتال والبقاء في دائرة الموت واستنزاف الثروات التي يصرعليها امراء الحرب السنة .