وفيما رفض التيار الصدري أي تدخل أجنبي، سواء جاء من أميركا أو من جهة أخرى، وجد قيادي في التحالف الكردستاني في الوساطة الأميركية تحركا منطقيا، بسبب وجودهم في العراق الذي دام نحو ٩ سنوات، فيما أكبرت القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي، كل جهود الوساطة، لافتة إلى أنها تدرس التوجه بطلب للبرلمان العراقي، بحجب الثقة من المالكي.
ويعرب عباس البياتي، النائب عن ائتلاف المالكي، عن ترحيب كتلته "بأي جهد من شأنه تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية، وإذا كانت لدى الجانب الأميركي مساع يمكن أن تسهم في تعزيز وتقوية العملية السياسية في البلاد، فأهلا وسهلا"، مستبعدا في الوقت نفسه أن تكون "لتلك الوساطات علاقة بقضية نائب الرئيس طارق الهاشمي، لأنها أصبحت في عهدة القضاء، ولها مسارها المنفصل عن الخلاف السياسي القائم بين ائتلافنا والقائمة العراقية، وهذا الخلاف يتحمل المناشدات والوساطات التي تريد حله".
وعن احتمال رفض بعض أطراف التحالف الوطني الدخول الأميركي على خط الأزمة، قال البياتي في حديثه لـ "العالم" أمس الأربعاء "لا يوجد موقف سلبي من الجهد الأميركي، الذي ينبغي أن يصب في إقناع العراقية بالعودة عن موقفها المتمثل بمقاطعة اجتماعات البرلمان ومجلس الوزراء، ودولة القانون والتحالف الوطني منفتحان على الحوار مع العراقية، شرط أن لا يتم الخلط بين قضية الهاشمي، والخلاف السياسي بيننا وبينهم".
وبشأن تهديدات المالكي بإمكانية إقالة وزراء العراقية وطلب استبدالهم، إذا استمروا في مقاطعة جلسات الحكومة، يبين القيادي في ائتلاف المالكي أن "رئيس الوزراء يتحدث استنادا إلى قانون خدمة موظفي الدولة، الذي ينص صراحة على اعتبار أي موظف مستقيلا، إذا تغيب ١٠ أيام عن أداء مهام عمله، من غير تمييز بين الموظف الكبير والصغير".
وعن آراء بعض السياسيين الذين يرون أن الإقالة غير ممكنة، إذ ما دامت الحكومة شكلت بالتوافق بين جميع الكتل، فلا بد أن تخضع الإقالة للمبدأ نفسه، يوضح البياتي أن "هذا الكلام صحيح، لكن إذا أدى مبدأ التوافق إلى شلل الحكومة وإعاقتها، لا بد عندها من البحث عن وسيلة أخرى تؤمن العمل المشترك والعلاقة المتوازنة، مع الحرص على أن يضمن هذا المسار حفظ تمثيل المكونات".
لكن القيادي الصدري أمير الكناني، يعبر عن رفض كتلة الأحرار إعطاء أي دور للأميركان في حل الخلافات السياسية، فهم "بوصفهم محتلين غير مرحب بهم للقيام بهذا الدور"، ملمحا إلى أن "العراقية ترغب بهذا التدخل، بالرغم من أن رئيس الجمهورية جلال طالباني مكلف بهذا الملف".
وذكر الكناني، في لقاء مع "العالم" أمس، أن كتلته "ترفض أي تدخل خارجي، سواء كان أميركيا أم من جهة أخرى"، معللا ذلك بأن "القضية الراهنة لا ترتقي إلى مستوى الإثارة الإعلامية التي صاحبتها، ولا بد من التفريق بين واجبات القضاء وواجبات السياسة، وإن كانتا تسيران بالتوازي".
وعن تلويح المالكي بالذهاب الى خيار تشكيل حكومة الأغلبية السياسية، يذهب الكناني إلى أن "التحالف الوطني ليس لديه توجه نحو حكومة الأغلبية، ولا خيار لدينا الآن غير حكومة الشراكة الوطنية الممثلة بجميع المكونات".
من جانبها، أعلنت القائمة العراقية "رفضها الدعوة التي أطلقها نوري المالكي للحوار، كونه يمثل السبب الرئيسي في الأزمة والمشكلة، وليس عنصرا إيجابيا في الحل".
وقال المتحدث باسم كتلة العراقية النائب حيدر الملا، في بيان تلقت "العالم" نسخة منه أمس، حول الموقف من المؤتمر الصحفي الذي أجراه المالكي الأربعاء، إن كتلته "تدرس تقديم طلب إلى رئاسة مجلس النواب، من أجل حجب الثقة عن المالكي بسبب حنثه باليمين، وخرقه للدستور ومخالفته للقوانين المرعية، وإثارته للأزمات التي بدأت تهدد الأمن والسلم الاجتماعي، ومطالبة الشركاء في التحالف الوطني بتقديم مرشح جديد الى رئاسة مجلس الوزراء، لتشكيل حكومة ما بعد الاحتلال".
ويؤكد الملا في الوقت نفسه، دعم كتلته "لكل المبادرات التي أطلقها الشركاء السياسيون، كالطاولة المستديرة التي دعا إليها سماحة السيد عمار الحكيم، والميثاق الوطني الذي طرحه سماحة السيد مقتدى الصدر، وآخرها المؤتمر الوطني الذي دعا إليه السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، لإيجاد حلول للأزمات التي بدأ بإثارتها رئيس مجلس الوزراء".
أما القيادي في التحالف الكردستاني فرهاد الأتروشي، فينبه إلى أن "الأميركان معنيون بما يجري على الساحة، ولاسيما أنهم كانوا موجودين في البلاد نحو ٩ سنوات، ولهم وجود دبلوماسي كبير الآن، لذا فمن المؤكد أن هناك محاولات أميركية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة".
وعن وساطة التحالف الكردستاني، كشف الأتروشي في حديثه لـ "العالم" أمس، أن "موقف التحالف والاقليم المتمثل ببيان رئيسه بارازاني، يدعو الى التهدئة، ولاسيما أن التصعيد السياسي والإعلامي لا يصب في مصلحة أي طرف، وعلى الجميع أن يثبتوا للعالم أنهم يستطيعون إدارة الدولة والواقع العراقي المعقد بعد خروج الأميركان".
ويعترف القيادي الكردي بأن "هناك ممارسات تؤشر رغبة في التفرد بالسلطة"، لكنه يستدرك بأن "الأزمة أكبر من ذلك، وعلى جميع الكتل الالتزام بالدستور وباتفاقية أربيل، التي تعد مرجعية سياسية شكلت على أساسها الحكومة الحالية، وعلى قادة اتئلاف دولة القانون أن يتذكروا أنه لولا هذه الاتفاقية، لما كان زعيمهم رئيسا للوزراء".
وعن بعض الآراء التي ترى أن الأكراد يتخذون موقف المدافع عن الهاشمي وصالح المطلك، يختم الأتروشي بالقول "لا نريد كتحالف كردستاني أن نكون طرفا في الصراع القائم، لكن بالمقابل لن يقبل الإقليم وقيادته أي تجاوز على مبدأ الشراكة، أو تفرد أي طرف بالقرار دون الآخر"، نافيا "الوقوف مع أي طرف ضد الآخر، لأننا لا ندافع عن أسماء بعينها، بل عن قضية شراكة ومكون أساسي في العملية السياسية، فضلا عن مناصب عليا في الدولة هي منصبي نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس الوزراء".