وقال صدر الدين القبانجي خلال خطبة صلاة الجمعة في الحسينية الفاطمية بمحافظة النجف، إن "الفيلم المسيء لرسول الله (ص) مخطط لاستهداف المسلمين وليس قضية عابرة"، متهما "الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وفرنسا بالوقوف وراء ذلك المخطط ".
واستنكر القبانجي "موقف وزير الخارجية الفرنسي الذي اعتبر فيه نشر إحدى الصحف الفرنسية صورا مسيئة لرسول الله (ص) تقع ضمن حرية الرأي والتعبير"، مشيرا إلى أن "حرية التعبير عن الرأي أصبحت ذريعة للتغطية على هذه الجريمة التي تطاولت على مقدسات المسلمين".
وأكد القبانجي أن "العالم يشهد انحسارا سياسيا لما يسمى بالدول العظمى ويقف على مشارف الهزيمة لاميركا وإسرائيل"، لافتا إلى أن الفيلم "يعبر عن إفلاس سياسي وثقافي لهذه الدول أمام ثقافة المسلمين".
وانتقد القبانجي من "يسمون أنفسهم علماء السعودية الذين اعتبروا التظاهرات المنددة بالفيلم التي إقيمت أمام السفارات الاميركية عمل غير صحيح وسخيف".
وكان القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي صدر الدين القبانجي طالب ، الجمعة الماضية (١٤ ايلول ٢٠١٢)، الولايات المتحدة بالاعتذار للأمة الإسلامية على خلفية فيلم مسيء للرسول، فضلاً عن تسليم المسؤولين عنه إلى محكمة إسلامية، فيما حذرها من "غضب الشعوب".
واتهم رئيس الحكومة نوري المالكي، أمس الخميس ( ٢٠ أيلول ٢٠١٢)، المنظمات الصهيونية الصليبية بالوقوف وراء الأفلام والصور المسيئة للرسول، داعياً إلى الدفاع عن مقدسات المسلمين، فيما أكد أن المنطقة تعيش موجة خطيرة من التحديات ذات جذور "طائفية".
ولاقى الفيلم الأميركي المسيء لشخص الرسول محمد (ص) ردود فعل غاضبة في العديد من الدول الإسلامية والمراجع الدينية، كما أدان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي الإساءات المتكررة للمقدسات الدينية وخاصة ما تضمنه الفيلم الأميركي "المسيء للمسلمين وقيمهم النبيلة"، داعياً أتباع الديانات السماوية إلى محاصرة "العنصرين وعدم نشر أفكارهم الخطرة، فيما حذر من فتح أبواب "العنف والفوضى" بين الشعوب بسبب الفيلم.
وتظاهر العشرات من المواطنين وأتباع التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر في محافظات نينوى والأنبار والبصرة وواسط الديوانية وديالى والنجف، للتنديد بالفيلم والمطالبة بطرد السفير الأميركي من العراق ومقاطعة البضائع الأميركية والإسرائيلية، وسن قوانين تمنع التعامل مع الدول التي تسيء إلى الإسلام ورموزه.
وكان آلاف المصريين تظاهروا أمام السفارة الأميركية في القاهرة وأنزلوا العلم المرفوع فوقها وأحرقوه ورفعوا مكانه راية سوداء تنديداً بالفيلم، كما شهدت تونس واليمن والمغرب ودول أخرى تظاهرات مماثلة.
لكن الاحتجاجات تحولت إلى تظاهرات دموية في ليبيا حيث قتل السفير الأميركي كريس ستيفينز واثنان من حراسه وموظف مالي قتلوا بهجوم مسلح استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي شرق البلاد في (١١ أيلول ٢٠١٢).
وأدانت وزارة الخارجية العراقية الحادثة معتبرة أنها اعتداء على حرمة البعثات الدبلوماسية وانتهاك صارخ لمبادئ العلاقات الدولية، فيما شددت على أن المهاجمين لا يمثلون الشعب الليبي.
وعنوان الفيلم الذي أثار غضب العديد من المسلمين في العالم هو "براءة المسلمين" من إخراج الأميركي الإسرائيلي سام باسيل، وهو مستثمر عقاري ٥٤ عاماً، وقد اعتبر في حديث لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن "الإسلام سرطان".
ولقي هذا الفيلم دعم القس الأميركي تيري جونس الذي كان أقدم على حرق نسخ من القرآن الكريم في نيسان ٢٠١٢، وأثار حفيظة المسلمين والمسيحيين في آن الذين رفضوا المس بأي معتقدات دينية.
وكان رئيس الحكومة نوري المالكي قد حذر، في الخامس من أيلول ٢٠١٢، خلال لقائه وفداً من الكونغرس الأميركي ضم السيناتور جون ماكين وجوزيف ليبرمان وليندزي غراهام، من خطورة الأوضاع الجارية في المنطقة.
كما اعتبر المالكي، في الثاني من كانون الأول ٢٠١١، أن المنطقة تعاني من السياسيين "غير المثقفين" الذين يحاولون السيطرة عبر الدين والسلاح والعشيرة، وفيما أكد دعم العراق مطالب الشعوب بالتحرر والتغيير وسعيه إلى التعاون مع دول الجوار، شدد على ضرورة تقييم الواقع العراقي بعيداً من المؤثرات السياسية.
وشهدت المنطقة العربية بصورة عامة حركة احتجاجات شعبية واسعة خلال عام ٢٠١١ للمطالبة بالتغيير والإصلاح ومكافحة الفساد، وباتت تعرف بتسمية "الربيع العربي"، حيث أسهمت في إسقاط نظم الحكم التي كان يتربع على سدتها زين العابدين بن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر، ومعمر القذافي في ليبيا، وإجبار الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على التخلي عن الحكم، في حين تتواصل حركة الاحتجاجات والعنف في سوريا مما أسفر عن سقوط أكثر من ٢١ ألف قتيل حتى الآن، كما كان لهذه الحركة امتدادها في العديد من الدول العربية الأخرى، ومنها البحرين والأردن والجزائر والمغرب والسعودية، لكن دول الربيع العربي بعامة ولاسيما ليبيا ومصر واليمن وسوريا بخاصة، تشهد حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار فضلاً عن أعمال العنف لم تتمكن من السيطرة عليها حتى الآن.