وفي حين استبعد استقالتهم من الحكومة، حتى مع انسحاب التحالف من البرلمان، وصف التصويت على الموازنة بأنها "انتصار" للمالكي.
وفي الوقت الذي أكد فيه التحالف الكردستاني أن قيادته منهمكة بدراسة الموضوع لبلورة قرار سياسي بشأن الأزمة، وصف التصويت على الموازنة بأنه دق للمسمار الأخير في نعش الشراكة والتوافق الوطني، لأن الكرد سيكونون دوما الطرف الخاسر وفقا لنظام الأغلبية، مبديا قلقه من إلغاء الفدرالية او البيشمركة أو نسبة ١٧ بالمائة الخاصة بالاقليم مستقبلا.
فيما نفى دولة القانون أن يكون التصويت على الموازنة سابقة خطيرة لأن الكثير من التشريعات أقرت سابق من دون اخذ رأي التحالف الوطني او دولة القانون، الا أنهما لم يتخذا موقفا سلبيا من البرلمان.
وفي الوقت الذي أظهر أسفه لمقاطعة النواب والوزراء الكرد، كونهم ركنا أساسيا في العملية السياسية، أبدى تفاؤله بوعي الشخصيات الكردية التي تتمتع بحكمة في التعامل مع الأزمات.
و قال مصدر مقرب من نوري المالكي رئيس الوزراء إن "المالكي يجهز لبدلاء عن وزراء التحالف الكردستاني لشغل حقائبهم في حال انسحابهم من الحكومة"، مستدركا "إلا أن رئيس الوزراء لا يتوقع استقالتهم من مجلس الوزراء، حتى مع انسحاب كتلة التحالف الكردستاني من البرلمان".
يشار الى أن الوزراء الكرد يشغلون ٤ وزارات هي الخارجية، والتجارة، والصحة، والهجرة والمهجرين.
ونوه المصدر الى أن "المالكي مر بمثل هذه الظروف سابقا، ولم يفلح معارضوه في الاطاحة به، خصوصا مع فشل مشروع سحب الثقة الذي جربوه وخسروا"، معتبرا أن "التصويت على الموازنة انتصار له".
وأكد أن "جلسة مجلس الوزراء (أمس) عقدت وصدرت عنها قرارات ولن يتوقف شيء بغياب وزراء التحالف الكردستاني أو القائمة العراقية".
من جهته، قال قاسم مشختي النائب عن التحالف الكردستاني، أن "القيادة الكردية الان منهمكة بدراسة الموضوع مع التيارات السياسية الاخرى لبلورة قرار سياسي إزاء تشريع قانون الموازنة بغياب ممثلي المكون الثاني في العراق، فهذا التشريع يمثل بالنسبة لنا نهاية للشراكة والتوافق الوطني، ولا يمكن القبول به".
وأضاف مشختي "ولا يمكن تحديد موعد لاعلان موقفنا، لكني أؤكد ان القيادة بصدد دراسة الموضوع، لانها ترى ان التصويت على الموازنة بهذه الطريقة يمثل دق المسمار الاخير في نعش الشراكة والتوافق الوطني الذي بني على اساسه النظام السياسي والدستور".
وأوضح "هذا يعني ان الكرد سيكونون دوما الطرف الخاسر مستقبلا، بمعنى اذا تم تمرير الموازنة من دون ممثلي الشعب الكردي، فهذا يعني انه يمكن تمرير الكثير من القوانين من دونهم"، متسائلا عن "نوع الضمانة التي يمكن تقديمها، مع تجاوز التوافق السياسي والشراكة الوطنية".
ولفت النائب عن التحالف الكردستاني، "نحن لا نرى مبررا لوجودنا من الآن في الحكومة او البرلمان، فنحن ٦٠ نائبا في البرلمان من أصل ٣٢٥، فأي قرار نتخذه سنكون خاسرين فيه حسب مبدأ الأكثرية والأقلية، وهذا أمر غير صحيح لأننا قومية ثانية ولدينا حقوق، ويجب أن نحصل على ضمانات لحمايتها"، معبرا عن قلقه من "إلغاء الفدرالية او البيشمركة أو نسبة ١٧ بالمائة الخاصة بالاقليم وغيرها من الاستحقاقات الكردية مستقبلا".
وعن إمكانية الترضية التي يتحدث عنها بعض النواب عن دولة القانون قال مشختي "عن أي ترضية يتحدثون، فهم في نفس الوقت الذي صوتوا فيه على الموازنة بغياب ممثلي شعب الاقليم دخلت القوات العسكرية الى منطقة سنجار، فكيف يمكن لنا ان نثق بحديثهم عن الترضية"، مختتما حديثه بالقول "تجربتنا مع الحكومة غير ايجابية اطلاقا، فهم نكثوا اتفاقية اربيل والاتفاقية البترولية مؤخرا التي تبنوها وألغوها فيما بعد، هم لا يلتزمون بالتعهدات، نعم يتحدثون عن الترضيات وتقديم التنازلات بسبب وجود ضغوطات عليهم، لكن في الحقيقة هم لا يلتزمون".
غير أن عدنان المياحي النائب عن دولة القانون علق بالقول، إن "غياب مكون سياسي مهم وأساسي مثل القوى الكردية سيترك أثره السلبي على المشهد السياسي العراقي وعلى الاداء الحكومي، وهذا ما لا نتمناه".
ورأى، أن "ما جرى بخصوص الموازنة كان ضمن السياقات الدستورية، والاليات الديمقراطية المعتمدة في أكبر البلدان الديمقراطية، كما انه لم يكن السابقة الاولى في العراق، فكثير من القوانين والمشاريع التي تم تمريرها دون موافقة التحالف الوطني او دولة القانون، الا أنهما لم يتخذا موقفا سلبيا"، مبينا أن "أهم هذه المشاريع هو التصويت على مجلس مفوضية الانتخابات، ففي الوقت الذي حثت فيه الأمم المتحدة على استحصال التوافق عبر إرضاء جميع الكتل الممثلة في لجنة الخبراء، الا ان التوافق لم يحدث وتم إقرار أسماء اعضاء مفوضية الانتخابات باغلبية اعضاء لجنة الخبراء وبالاتفاق مع السيد رئيس مجلس النواب". وأظهر المياحي تفاؤلا بـ"ما يمتلكه الأخوة الكرد من شخصيات سياسية كبيرة تمتلك رؤية سياسية راجحة"، مستبعدا "المقاطعة سواء من البرلمان او مجلس الوزراء".
في غضون ذلك، أكد هوشيار زيباري وزير الخارجية وجود مشاكل "كبيرة" بين بغداد واربيل، وقال خلال مؤتمر صحفي عقده في السليمانية مع برهم صالح نائب رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، "هناك مشكلات كبيرة مع بغداد ويجب ان تحدد شكل العلاقة بين الاقليم وبغداد"، مبينا، ان "هناك حوارا لحل تلك المشكلات". وأوضح زيباري، ان "الحوار مستمر بين بغداد واربيل والاجتماعات متواصلة وغدا (اليوم) يعقد اجتماع أيضا لبحث المشكلات"، منوها الى ان "الخلافات التي يجري التباحث بشأنها من بينها مشكلات الميزانية والاماكن المستقطعة والنفط والغاز".
من جانبه، قال برهم صالح، نائب الامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، ان "إقليم كردستان وقواه السياسية يمكن ان تقرر في اجتماع (اليوم) الانسحاب من حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي".
واضاف "االيوم) اجتماع للكتل السياسية الكردية للاتفاق على موقف واحد من جميع القضايا"، مبينا، ان "من الممكن اتخاذ قرار معين حيال ما يجري في بغداد، فكل شيء وارد".
الى ذلك، اعلن برلمان اقليم كردستان، امس، عن عقد جلسة استثنائية لمناقشة الازمة بين اربيل وبغداد اليوم الاربعاء، لاتخاذ موقف بشأنها.