فاننا عندما نتكلم عن المحافظات وحكوماتها نتكلم اساساً عن السكان ومصالحهم.. فهناك تذمر واسع لابد من وضع الحلول الحقيقية والجذرية له.. والا سنبقى نرقع بحلول لا تحل شيئاً، بل تشكل البداية لازمات جديدة. ولعل من اخطر القضايا هي قضية المشاركة في التخطيط والقرارات النفطية كما اراد الدستور.. اذ جعل العلاقة بين الحكومة الاتحادية ووزارتها، والحكومات المحلية وفق المواد ١١١ و١١٢ علاقة ارتباط وشراكة.. فلا يمكن لاي طرف ان يسير الا مع الطرف الاخر.. ولعل النقاشات التي دارت عند اعداد الدستور على كلمة (معاً) كانت من اطول النقاشات عند صياغة مواد الدستور. وسبب ذلك كله عدم تشريع قانون النفط والغاز لتأطير هذه العلاقة وموضعة كل طرف في مكانه المناسب. ولكن هناك مشاكل اخرى بحاجة لحلول استراتيجية وجذرية اضافة للحلول المؤقتة تتعلق بتجريف الاراضي والمحرمات والعمالة المحلية والمنافع والتعويضات وغيرها من امور متفرعة ومتشعبة.
اما عندما نتكلم عن الوزارة وشركاتها فاننا نتكلم عن اقتصاد العراق وموازنته التي تعتمد اعتماداً شبه مطلق على الواردات النفطية.. فلا الوزارة ولا شركاتها النفطية تستطيع التخلي عن مسؤولياتها في تعظيم موارد البلاد التي يعتمد عليها كل شيء.. لذلك لابد ان تضع زيادة الانتاج والصادرات من النفط والغاز وعمل المصافي وانتاج المشتقات وتوزيعها الهم الاول.. الذي لا تستطيع اهمال اولويته.. وهذا يتطلب علاقات منتجة وواقعية سواء مع الشركات الاجنبية، او مع السكان والحكومات المحلية، او مع بقية الوزارات. فهناك مع جميع هذه الاطراف مشاكل وعوائق واختلافات وحلول مطلوبة، لكنها كلها لا يمكن ان تقف عائقاً امام زيادة الانتاج والصادرات، لان مصالح البلاد ككل اكبر من اية مشكلة، وهي اولوية لابد ان تحل بقية الاولويات في اطارها وليس تعطيلاً او عرقلة لها. واشعر بفخر كبير بالمسؤولين والعاملين في القطاع النفطي، ان اعلم من "التسويق" ان الارقام الاولية، والقابلة للتصحيح، لمعدل الصادرات بلغ في ٣٠/٥ لشهر نيسان ٣.١٢٢ مليون برميل/يوم.. وهذا مرة اخرى رقم قياسي.. وان معدل الصادرات اليومي منذ بداية العام بلغ ٢.٨٤٧ مليون برميل/يوم.
اما عندما نتكلم عن الشركات الاجنبية، فاننا نتكلم عن شركات ربحية وليس جمعيات خيرية، او رعاية اجتماعية.. فهذه الشركات جاءت للاستثمار، وعلينا ان نساعدها في مهمتها وفق شروط العقود التي ابرمت معها.. فاحترامنا للعقود هو اساس لاحترامهم لها، والعكس صحيح. وللاسف الشديد فان البعض يتصرف وكأنه يريد اما الخضوع لهذه الشركات تماماً، او يسعى للتضييق عليها واخراجها من البلاد.. وكلا الموقفين خاطىء، فعلاقتنا يجب ان تكون علاقة حسن علاقة وتفهم وشراكة وتبادل مصالح.. والا سنفسد عليهم وعلى انفسنا.. وسنخرج كلانا خاسرين، بينما يمكن ان نخرج جميعاً رابحين.