بسم الله الرحمن الرحيم
انخفاض مناسيب الانهار في وادي الرافدين وشحة المياه وتردي نوعيتها مسألة حياة او موت.. وترتبط الشحة بالعوامل الطبيعية وسلوك الدول المتشاطئة.. وتخلفنا في الخزن، والهدر بسبب انظمة الري والتبخر.. وهذه عوامل اهملنا العمل عليها طوال العقود الماضية، فصارت شحة المياه احد اهم المشاكل التي تواجهنا اليوم.
انخفض معدل المياه الواصلة سنويا الى نصف الحال قبل ثلاثة عقود واكثر (٨٠-١٠٠مليار/م٣/سنوياً).. وتردت نوعية المياه بسبب الاستخدامات ونقص المبازل واختلاطها بالملوثة. لتبلغ الملوحة اكثر من (١٠٠٠) "جزء المليون" عند الحدود.. واكثر من (٦٠٠٠ج.م) احياناً في اسفل الفرات، وكلها غير صالحة للشرب (قناني الشرب١٠٠ج.م.).
فهل نستمر باستيراد مياه شربنا من دول الخليج، او نستمر بخسارة (٢٥٠-٥٠٠) الف دونم مع كل مليار متر مكعب نقصاً او تلوثاً. لنخسر (٥%) من اراضينا الصالحة سنوياً.. ونضطر لهجرة مساحات شاسعة ولتقليص مساحات الاراضي المخصصة للشلب ولغيره، وقس على ذلك.
يحتاج العراق الى ما لا يقل عن (٣٠-٥٠) مليون متر مكعب سنوياً لمياه الشرب والطعام.. وضعف هذا الرقم خلال العقدين القادمين.. وهي ارقام يمكننا تحقيقها بسهولة اكبر مما تحققه دول الخليج، التي تعتمد على مياه البحر بملوحتها العالية (٣٥٠٠٠ ج.م)، ومشاريع تحلية مياه البحر، واستثمار بعض المصادر المحدودة المتوفرة.. لكن في اطار سياسة مرشدة باتت تستثمر وتجمع حتى قطرات الماء الخارجة من مكيفات الهواء، او اعادة التعامل مع المياه الثقيلة، وهو ما تقوم به بعض دول الخليج بنجاح كبير.
اما في المجال الزراعي، فسنحتاج بنظمنا الاروائية والاستهلاكية الحالية الى اكثر من (٧٠مليار/م٣/س) لارواء ١٠ مليون دونم، وهي كمية لم نعد نملكها اساسا.. وبتفاؤل مفرط نحتاج بالارواء المقنن (٢٥-٣٠مليار/م٣/س) لنفس المساحة. فاذا حمينا حقوقنا مع جيراننا!! وكان المتوفر المتيقن هو حوالي (٥٠ مليار/م٣/س)، وقمنا بتحسينه!! ومعدل المياه الجوفية هو (١٨مليار/م٣/س)!! المتجدد منها هو (٤-٧مليار/م٣/س)!! وان ثلث الاراضي يمكن زراعتها باستخدام الامطار مباشرة وبالخزن!! فسيتسنى استصلاح اراض العراق الصالحة، اي ٤٤ مليون دونم، وليس ربعها كما نفعل اليوم.. ونستطيع تحقيق الامن المائي والغذائي!! وسيتطلب هذا الامر انفاق (٥) مليار دولار سنوياً كمعدل خلال السنوات العشر القادمة!! لتحلية مياه البحر، ولبناء السدود والخزانات والري والبزل والمياه الجوفية والمصبات والصيانة وانعاش الاهوار!! هذه المبالغ ستنقذ الحياة في بلاد الرافدين!! وسنستردها اضعافاً بتطوير الزراعه والثروة الحيوانية والعمالة والصادرات والخدمات والصناعات المرتبطة بها.. ومنع التصحر والعواصف الرملية. كذلك باضافة اكثر من (٣٠٠٠) ميغاواط من الكهرباء المجانية والمستدامة والنظيفة!!
مشكلتنا الاساسية حسن استخدام الاموال في استراتيجيات موحدة حازمة.. فهل سنستمر بسلوكياتنا المدمرة.. لنحكم بالموت والفناء على انفسنا. فلا نواجه حقائق الطبيعة ومصالح الدول والتطور. لنتباكى على بلد كان اسمه بلاد الرافدين!!