بسم الله الرحمن الرحيم
يخوض فلذات اكبادنا امتحانات البكلوريا وسط حر شديد، وفي الاوضاع الامنية خصوصاً في المناطق الساخنة، وفي اجواء شهر رمضان المبارك، حيث يحرص الكثير من الطلاب والطالبات على فريضتهم الدينية، كما يحرصون على دروسهم وعلى تأهيل انفسهم ليكونوا بمستوى المسؤوليات التي تنتظرهم.
في الحضارات القديمة كان يمكن لامة جاهلة او بربرية ان تهزم امماً متحضرة.. فهاجم هولاكو امماً اكثر منه تقدماً.. وهاجم برابرة الجرمان روما بعلومها وتطورها، وقس على ذلك.. فطالما انتصرت الوحشية والهمجية على امم ارقى منها، مما جعل جوهر النظرية "الخلدونية" لعمران الامم تقوم على "العصبية" الدينية او السياسية او الطبيعية كما يسميها.. والتي تمر بخمسة اجيال او مراحل.. فيكون الجيل الاول قوياً وجدياً بل "وحشياً".. فيحقق الانتصار ويستولي على المُلك.. والذي يخسره لانغماسه بالترف والرياش والضعف وفقدان "العصبية" و "الوحشية" في الجيلين الرابع والخامس.
اما اليوم فالتقدم للامم المنظمة المتعلمة العالمة.. ولابد للتربية واكتساب المعارف ان تتقدم غيرها.. فبدون اعداد اجيال المستقبل وبناء الانسان لا يمكننا ان نبني ادارات ناجحة ومواطنة صحيحة، واقتصاداً نامياً وامناً حقيقياً.. فهو العنصر الاساس الذي تحتاجه كل المسارات والقطاعات الاخرى. بعكسه قد تضيع الاموال والجهود والوقت.. ولن نجني الثمرة المطلوبة، لضعف الاستعدادات والقابليات البشرية، الاساس في كل شيء.
هدف البكلوريا اطلاق المبادرات لا تقييدها.. وتحقيق مستوى وطني شامل للتحصيل العام حسب الاختصاصات بما يسمح بتوزيع الكفاءات.. والحصول على تقييم وطني شامل يمر به الجميع قبل الانتقال للمرحلة الجامعية حيث التخصصات العليا.. ولتطوير ذلك هناك بعض الخيارات المساعدة لتحقيق وتعجيل ذلك كله، وهذه بعضها.
١- بجانب اصلاح المناهج واعداد المدرسين والمدرسات واوضاع المدارس العامة من حيث الابنية والمرافق والمستلزمات الاساسية، يبدو ان تشجيع المدارس الاهلية، بجانب العامة، هو من اهم الخيارات.. فبدل ان تصرف الدولة ١٠٠٠ دولار، وهو الكلفة الافتراضية للطالب، تقوم التربية بدفع ٥٠٠ دولار لكل طالب تستوعبه المدرسة الاهلية بعد توفيرها كامل الشروط التربوية والتدريسية.. وهذا الحل له تطبيقات عالمية واسعة. فيتحمل القطاع الاهلي جزءاً من الاعباء ويشجع المنافسة.. فتوفر الدولة الاموال، وتحقق الاهداف.. دون ارهاق العوائل بسبب الدعم الذي تتلقاه المدرسة من الدولة.
٢- تشريع قانون الدراسة عن بُعد.. وهو ما تأخذ به ارقى الدول والمؤسسات العلمية.. بعد تطور وسائل الاتصال والانترنيت والشبكات المغلقة، وامكانية توفير اعلى مستويات التدريس، وباوسع انتشار، ومرونات عالية، وبكلف ممكنة، للدارس ولمؤسسة التدريس، علماً ان العراق هو من اخر الدول التي لا تستخدم هذا النظام بل نستطيع القول ان هناك نظرة دونية لهذا النظام، الذي ينقذ في بقية الدول مئات ملايين الطلاب ويسمح لهم بالتعليم في كل مستوياته.
٣- ان نظام البكلوريا هو "الفلتر" الحقيقي للتدقيق في جدية التدريس والمناهج.. وان تشجيع التقديم "الخارجي" وترشيد اجراءاته يوفر "الفلترة" الجدية التي يتمكن عبرها المجتمع ووزارة التربية كلاهما، من تشخيص الجهود والمؤسسات الجدية عن غيرها. للموضوع صلة.