لم يكن عمار الحكيم؛ ربيب لإحدى العائلات الرأسمالية أو الاشتراكية، ولم يكن والده أو عمه من أصحاب رؤوس الأموال أو المشاريع الاستثمارية العالمية، حتى ينكر عليه وضعه الاجتماعي والسياسي، إن كان في المهجر أو في الوطن، فربيب العلماء عالم واعد. ما تشن اليوم في الساحة العراقية من هجمات منظمة ومدروسة لاستهداف السيد الحكيم، ليس بعيدة عن المنهج الذي استهدف شهيد المحراب في أيام المعارضة، وما استهدف عزيز العراق بعد التغيير، ولكن يبدو أن المخطط للاستهداف واحد، باختلاف أدوات التنفيذ، وهناك أمرين لابد من الوقوف عندما، الأول؛ إن العراق بآسره يواجه حرب شاملة، لا تفرق على أساس المعتقد أو القومية والتوجه السياسي، وبنفس الوقت نجد هناك استهداف واضح للمجلس الأعلى وقيادته السياسية، مرة استهداف سياسي وأخر حكومي، وكأنما المخططين ينفذون أجنده تخدم داعش إذا لم نقل أنها سياسة داعش نفسها، حيث محاولات لبث سموم الفرقة بين أبناء المذهب، وإثارة الفتن والإشاعات. والأمر الثاني؛ وهذه حقيقة لابد الاعتراف بها، إن المجلس الأعلى كان وما زال يتحمل أحقاد تاريخية لأولئك المأزومين على المرجعية الدينية، بحيث الكل اليوم يتحاشى الاحتكاك بمقام المراجع العظام، لوجود تعاطف جماهيري معهم، لذا تجد السموم تبث على من يعلن صراحة التزامه بخطى المرجعية، ويسترشد برشدها، وألا فأي محاولات التغطية على ذلك، هي لشق عسى المذهب، وتجريد المرجعية العليا من أبناءها المدافعين عن توجهاتها الرشيدة. أما عن الانتقادات الموجهة للسيد الحكيم، فمن باب الإنصاف لا ينظر للحكيم رجل حزبي أو باحث عن الجاه، فما يملكه من عز مرجعي وأرث جهادي، يكفيه أن يتحدث باسم العراق، ويمثل التشيع أينما حل، فلم يدخل السياسة من حلقات التنظيم السري، ولا الوطنية هوية عرجاء يتعكز عليها، فالسكن في المنازل المحاطة بالحماية والأسوار ليس ترف، ولكنها بسبب فشل الخطط الأمنية، رغم قراءتنا لهذه الانتقادات بأنها محاولات للاغتياله المفاجئ، وإما زياراته للدول الإقليمية فشيمة أهل الدار بأخلاقهم، فمتى ما كان السيد الحكيم يتعامل بسياسة تشتيت أبناء المذهب، وخلق الأزمات والطائفية الجوفاء، كان محل للانتقاد، ولكن رسول الله ص أرسى دعائم دولته بدعوة ملوك وسلاطين العالم للإسلام القويم، فلماذا نقرأ التاريخ؟؟ وننكره. فالحكيم منذ كان واعد؛ استلهم السياسة والفراسة من مدارس يتغنى بأمجادها الجميع، تلك هي مدرسة الإمام الحكيم جده، ومنها نهل المهدي والباقر والعزيز، فلا ضير أن يكون ذلك المتعلم أستاذ في محافل الرؤساء والملوك والأمراء، ليصبح مدرسة تحمل عنوان "الحكيم قائد وزعيم" يدافع عن أبناء الوطن بوطنيته، وله بالسياسة رجال أمناء، ويجاهد عن المذهب ببندقتيه، وله في ساحاتها ليوث حمراء، فصدق حينما قال "سنزرعها رجلاً غيارى من الفاو إلى الفلوجة".