الكل متفق بعد محاولة تغييب دور المرجعية الدينية, خلال عقدين من الزمن, عقب إعلان الحكم الملكي في العراق, لم تنهض المرجعية العليا, إلا بعد موقف الإمام محسن الحكيم؛ الرافض لاستقبال الملك, ورئيس الوزراء عام ١٩٤٧, بعدما تقاعست الحكومة في تنفيذ المطالب الخدمية, لمواطني النجف المرفوعة من قبل المرجع الأعلى عام ١٩٤٦, ما جعل المرجعية تقف موقفاً حازماً, بوجه السلطة آنذاك.
لم يقف سياسي من سياسيي العراق إطلاقاً, إماماً لصلاة الجمعة, كما وقف شهيد المحراب؛ متحدياً نظام الطاغية صدام, بكلمته المعروفة "هيهات منا الذلة", غيره غير أسمه واستخدم الكُنى, إلا الحكيم ذاك هو الحكيم, فغيره لم تساق أطفاله ونسائه ورجاله, لمقاصل الإعدام, ودهاليز السجون, مقابل التنازل عن مشروعه؛ الذي نهض وهاجر واستشهد من اجله؛ الإسلام أولاً, العراق ثانياً, بناء الدولة ثالثاً.
أول القيادات الإسلامية الشيعية؛ يدعون إلى تنظيم الأمة لنفسها, بناء على وصية الإمام علي "ع", ثم طالبوا بأن يكون الحكم مدني في العراق, بعد هيمنة العسكر لمدة عشرة سنوات, أبان حكم عبد الرحمن عارف, وفضحوا أفكار حزب البعث منذ الأيام الأولى لانقلابهم الأسود, وطرحوا العديد من المشاريع الوحدوية للدولة والمذهب, ومستمرين بذلك, بينما غيرهم لا يسعى إلا لبناء حزبه وكيانه.
ما بعد عام ٢٠٠٣, لم نسمع أطروحة أو مشروع سياسي, لعراق ما بعد صدام, سوى ما طرحه الحكيم نفسه؛ انتخابات ودستور وطاعة للمرجعية الدينية, فحصل ما حصل, وتخلف إخوان المذهب عن وعودهم, فعارضوا الأقاليم عندما طرحها, وبسبب سياساتهم الفاشلة, اليوم ندفع شبابنا شهداء وجرحى, ونقترض بالأجل بعدما تبددت الأموال, وضاعت الميزانيات, وشقت عصى المذهب على أياديهم, وتمزق البلد في حكوماتهم.
ألم تكن كل هذه مخططات مدروسة, ليس ضد عائلة آل الحكيم فحسب, أنما ضد المذهب تحديداً, والعراق معاً, فمن أكثر عطاء ودماء ومواقف من هذه الأسرة الكريمة؟ إذا كنت مخطئ, فليجيب من لديه الجواب, من وقف بوجه البعث نظام وأشخاص؟ أكثر مما وقف آل الحكيم, بإعداد الشهداء والمخيبين والسجناء, ألم يكن تغيبهم بعدما تحرر العراق, هدف مرسومة معالمه قبل التغيير؟.
لا استبعد إن ما حدث, ويحدث ضد آل الحكيم, في أيام حزب البعث, وبعد سقوط البعث, في ظل سيطرة حكومية شبة تامة للأحزاب والتيارات الشيعية, هو مؤامرة خبيثة؛ حيكت خيوطها على أيادي تعرف ما تفعل, وتشخص من المؤثر, فتغييب ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الحكيم, تمثل غاية التأمر, والاستهداف السياسي.