وحال وزارة العدل العراقيّة حال الوزارات الأخرى في التفكك والتهاون والفساد والاختراق، بل هي من أسوء الوزارات حسب تقارير هيئة النزاهة والشفافية واستطلاعات الرأي العام لأنها مخترقة في كل الأوقات وعلى مر الفصول والأيام".
ولا يختلف الوضع في وزارة العدل عن الوضع في الدّول التي تكثر فيها عصابات الجريمة المنظمة مثل كولومبيا والمكسيك وغيرها، لأن بإمكان هذه العصابات إطلاق سراح مجرميها بأي وقت وبأي ثمن وهذا بالضبط ما يحدث في سجون البصرة والسماوة والحلة والموصل وديالى وكركوك وبغداد في جانبيه الكرخ والرصافة وابو صخير والبلديات، وعذراً لمن فاتني ذكره لأن القائمة تطول. إنّ التنصل عن المسؤولية وتحميل اللوم لجهات أخرى والتمسك بالسلطة والتعامل مع ملف هروب المجرمين والقتلة بدمٍ بارد، خيانة للأمانة واستهانة بالحرمات وبدماء الأبرياء وجريمة يُعاقب عليها القانون لو كان لدينا قانون".
إنّ هروب السجناء المتكرر يعني أنّ هناك خللاً كبيراً في بناء منظومة وزارة العدل، وكان على الجهات المسؤولة معالجة هذا الخلل من أول حادثة وقعت حتّى لا يتم تكرار مسلسل الهروب وكأن سجون العراق باحة خلفية أو حديقة عامة أو بيت بدون أبواب أو بواب، وكان على من يتسلم مقاليد هذه الوزارة أنّ يعتذر ويتعهد في المرة الأولى وان يعلن أسفه ويستقيل في المرة الثانية وهذا ما معمول به في الصومال وفي الدول التي ليس لها دين أو مذهب أو عقيدة راشدة.
كفى يا حكومة العراق المنتخبة هذه المهازل وهذا الاستهتار بدماء الأبرياء، وكفى تمسكاً بكراسي السلطة وحلباً للمال العام من أجل المصلحة الشخصيّة والحزبيّة، وكفى تهاوناً في الحقوق الشرعيّة وكفى سمسرة وصفقات يندى لها جبين الإنسانية".
إنّ ما يحدث من هروب للسجناء وبصورة مدروسة يضع أكثر من علامة استفهام أمام جدوى وجود وزارة ووزير وآلاف الجنود والعساكر، ويفتح الباب على مصراعيه لكل ذي حق أنّ يأخذ حقه وان ينصب محكمة عدله، لأن المؤتمن خائن ولا يملك ذمة ولا شرف المهنية".