بعيدا عن موقف العبادي؛ الذي كان موقفا شخصيا مرتبكا؛ ولا يعبر عن الموقف الرسمي للعراق، بقدر ما هي نصيحة قدمت للرجل من أحد المقربين له، الذي اقنعه انه على أتصال بمراكز النفوذ في واشنطن, وان هذا الموقف سيدفع الولايات المتحدة، بان تترجم هذا الموقف الى ولاية ثانية له، رغم ضعف موقفه ألأنتخابي والشعبي, وبعيدا عن موقف الخارجية العراقية، المخالف لموقف رئيس الحكومة، وبعيدا عن مواقف الرفض لأطروحة العبادي، فأن ألمؤكد ان العقوبات ستشكل ضغطا غير مسبوق على أيران، نحسب أنها قد أعدت نفسها له سلفا، خصوصا الصدمة الأولى، ثم بعد ذلك ستعود الأوضاع الأقتضادية داخل أيران الى طبيعتها، لكن في نهاية المطاف ستكون هناك مفاوضات؛ لكن تحت عنوان (التفاوض المشرف) الذي سيضطر له الأمريكان.
ألتاريخ اخبرنا ان الايرانيين؛ يعرفون التوقيتات المناسبة لاي تفاوض مع الغرب, وقد عبر عضو مجلس الخبراء آية الله سيد هاشم بطحايى، "ان ترامب ليس أسوأ من فرعون، مؤكدا على أن "مسؤولى الجمهورية الاسلامية لا يغلقون باب المفاوضات"، واستشهد بالأية القرآنية ،التى تؤكد على أن الله أمر موسى أن يذهب إلى فرعون ويقول له قولا لينا لعله يتذكر).
يستند النظام السياسي الإيراني، الى فلسفة الضبط والتوازن (check and balance)، التي مكّنته من قدرة تكيّفية عالية، في مواجهة وامتصاص الضربات والصدمات، التي وجهت اليه من كل حدب وصوب، حيث تم ضبط أي اختلال من خلال توازن ذاتي؛ تساهم فيه مؤسسات، تكبح جماح بعضها بعض، عبر ثنائية مصممة بشكل هادف ومقصود.
رغم أن هذا الضبط يبدو نظريًا في بعض الأحيان، لكنه فاعل في الأعم الأغلب، مع إقرار بدور مركزي حاسم لقائد الثور الأسلامية الإمام الخامنائي، لاسيما في القضايا الاستراتيجية العليا، كما حدث في مفاوضات ٥+١، خلاف ما يراه بعض صانعي السياسة في الأمريكان، من انه سينتهي بأنتهاء العمر ألأفتراضي للاشخاص، لينتهي معه شعار (الشيطان الاكبر)، الذي لم يعد سوى شعار قديم كما يعتقدون، وسينتهي ويتلاشى كما يحلمون، بانقراض جيل الثورة، وهذا السلوك ألأمريكي، يعبر عن رغبة بالكلفة ألأرخص للتغيير، لأنها لا تستطيع دفع التكلفة الأعلى، والمتمثلة بالمواجهة العسكرية مع إيران..
بمعنى ان أمريكا لا تسعى الى تغيير النظام، لأنها تعرف انها غير قادرة على ذلك، بل ترغب بتغيير من داخل النظام، اي تغيير سلوك "النظام ألأيراني"،وهذا أمر بيد أيران وقائدها، وليس بيد الأمريكان..
إذا تذكرنا مفاوضات النوويي، وكيف كانت تجري، وأذا وضعنا في حسابنا كيف يحوك الحائك الإيراني السجادة، سنتوقع أن شيئا ما يجري تحت الطاولة، وان ثمة إتصالات جارية بين الجانبين، ربما من خلال الوسيط العماني، والتي ستنتج اتفاقا مرضيا للطرفين، وهو ألأمر الذي لايرغب به الشامتون بأيران، وخصوصا بعض دول الخليج كالسعودية مثالا، ومعهم شيعة أمريكا في العراق...