يشكل الدين أول الحلول؛ التي أهتدى اليها العقل البشري، لإيجاد إجابات واضحة، للأسئلة الصعبة المعقدة التي واجهته، والعقل يأبى دوما؛ قبول ما لا يتسق مع الفطرة الأنسانية، ولذلك فإن النفس البشرية، إعتادت على أن تعرض الحلول على العقل، فإن قبلها قبلتها..وهكذا بات الدين الملاذ الآمن، الذي يطمئن اليه البشر ، حينما تواجههم المشكلات..
في ديننا الأسلامي الحنيف؛ حلول عملية عادلة مقبولة إنسانيا، لجميع المشكلات التي يواجهها الأنسان، وحتى أذا كانت الحلول تخالف هوى النفس، فإن القداسة تجعل النفس ميالة الى قبول الحلول، لأن القداسة عنوان أصلي للعدالة.
العدالة لا يحمل لوائها عوام الناس، وإن كانوا في أعماقهم يعرفوناها تماما، لكن تفصيلات تحقيق العدالة، تحتاج الى نمط خاص من المتصدين، هم أولئك الذين يستطيعون مقاربة موارد العدالة، وفقا لما تصرفه القداسة، التي هي العنوان الأصلي للعدالة.
هؤلاء المتصدين، وطوال خمسة عشر قرنا من عمر الدين الأسلامي، هم أولئك القادرين على إستحضار النص الديني المقدس، من أجل تحقيق العدالة؛ متى ما تطلب الأمر ذلك، لا سيما أن النص الديني؛ بما يمتلك من قوة القداسة، يمكن أن يتحول الى قوة تنفيذية بأيدي هؤلاء المتصدين.
الموضوع ليس إطارا فلسفيا، نضع فيه مظلومية الفيليين على رفوف السفسطة، لكن واقع الحال؛ يشير الى أن طليعة المناهضين للظلم، وعلى مر العصور، كانوا من المتصدين للشأن الديني.
رجال الحوزة الدينية؛ كانوا أوائل الشهداء والمضحين، في كل معارك الوجود، التي خاضها أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام، وسجلات السجون ومقاصل الإعدام لنظام الطاغية صدام، خير شاهد على هذه الأولوية، وكان الذين ينتسبون منهم الى الأمة الفيلية، أوائل الذين قاوموا نظام صدام الظالم، وقدموا مهجهم بسخاء منقطع النظير، قرابين على مذبح حرية وإنعتاق العراقيين، من نير الصدامية البغيض.
لقد كان لهؤلاء المخلصين؛ من رجال الحوزة الدينية، أثناء محنة تهجير الفيليين، في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، على يد زبانية البعث المجرم، دورا بارزا ومشهودا، في لملمة صفوف الفيليين، ورعايتهم دينيا ونفسيا، وفي تعبئتهم وصيانة حقوقهم، ومتابعة مشكلاتهم الأنسانية المتشعبة، والبحث عن حلول لها، لدى الدول التي أستقبلت المهجرين الفيليين.
من المتيقن ايضا؛ وفي معركة العراقيين ضد الدواعش الأشرار، كان هؤلاء الرجال المؤمنين الشجعان، من أبناء الأمة الفيلية؛ في مقدمة الملبين لفتوى الجهاد الكفائي؛ التي أصدرتها المرجعية الدينية المباركة، والتي غيرت موازين القوى في لحظة فارقة من حياة العراقيين.
الدور الشرعي والأخلاقي والتكليف الديني، لرجال الحوزة العلمية الدينية، خصوصا أولئك المنتسبين الى المكون الفيلي، لا يمكن أن يتوقف ولو للحظة واحدة، وهم دائما إزاء مسؤولية؛ لا يمكن أن تنقطع بزمان أو تحد بمكان، واليوم هم مطالبين أكثر من أي وقت مضى، بتبني قضية مظلومية أهلهم، التي يراد لها أن يطويها التجاهل العمدي، والتناسي القصدي، والأهمال الممنهج.
لا يمكن أن ننتزع حقوقنا كأمة مظلومة، دون أن يتصدى رجال الحوزة من الفيليين، ولكي يتصدون نتمنى أن نراهم وقد نظموا أنفسهم، في تجمع أو رابطة، تعنى بإنتزاع الحق الفيلي وفقا للأطر الشرعية، التي هم أعرف من غيرهم بها..