في ٢٠٢٠/٩/٢٤.
و أستثني من الانتماء الدولي الإدارة الامريكية و بعض الدول الغربية و الاخرى والتي تمتثلُ في قرارها و مواقفها لإملاءات الإدارة الامريكية ،ادارة تمتهن البلطجة وتمارس الارهاب الدولي و الابتزاز و تتجاوز القوانين والشرائع و الاتفاقيات الدولية ، ولا صلة لها بالأخلاق و الدبلوماسية ( بخصوص ما نكتبه عن الإدارة الامريكية و للاستزادة ،اقرأ مقال في واشنطن بوست ليوم ٢٠٢٠/٩/٢٢ ، وبعنوان فشلْ ترامب في الدبلوماسية ادى الى نبذ الولايات المتحدة الامريكية و ليس ايران ) ،مختصر عن المقال منشور في جريدة رأي اليوم الاكترونية ،في ٢٠٢٠/٩/٢٣ .
أدركتْ ،اليوم ،الشعوب العربية و القيادات الفلسطينية أنَّ عروبة فلسطين لمْ تحررها ،و إنما ادّتْ الى طمس القضية في وحل الاحتلال و مياهه الآسنة .
أدركت ايضاً عبث و مضّرة اتفاقيات أوسلوا ، و وهم قرارات الشرعية الدولية . ضَيّعت السلطة الفلسطينية في اوهام و خُدعة السلام مع اسرائيل اكثر من ثلاث عقود من الزمن ، وضيّعت اراضي و حَمتْ أمن اسرائيل و ضّرت في أمن و بنيّة المقاومة .
الحلول السياسية ليست حلولاً لفلسطين وانماّ هي حلول و مزايا و منافع لاسرائيل و وسائل لترسيخ وجودها وبسط هيمنتها .المفاوضات مع عدو و مع محتل دون مقاومة ميدانية هو استسلام ، ولنا في التجربة بين حركة طالبان و امريكا في أفغانستان خير مثال .
ليس مجدياً أنْ تكتفي السلطة الفلسطينية برفض ترأسها للدورة الحالية للجامعة العربية ، والمفروض تعليق عضويتها احتجاجاً على تواطئ الجامعة مع العدو و مع مشاريع التطبيع ، على السلطة الفلسطينية الخروج بكرامة و بعزّة من أملاءات الجامعة العربية ،والتي ستزداد وستتكثف يوماً بعد يوم ، و أنَّ ترمي بثقلها السياسي صوب التجمع الإسلامي ، ايّ صوب منظمة التعاون الإسلامي .
بعض الدول العربية تتنافس الآن في خدمة اسرائيل ،تحت شعار السلام مع اسرائيل ،في حين أنَّ فلسطين والفلسطينين هم بحاجة الى سلام ،الى حقوق ،الى ارض .
على القيادات الفلسطينية ان تدور سياسياً نحو دول تمتلك السيادة و القرار و عظمى ،اي نحو روسيا و الصين ،و أن تعّول ميدانياً على محور المقاومة وعلى ايران وعلى تركيا ، و عليهما اسلامياً وكذلك على باكستان وإندونيسيا و ماليزيا .
الجغرافية العربية لفلسطين ،باستثناء سوريا ولبنان ، أصبحت عبئاً و طوقاً على فلسطين ، وعلى الفلسطينيين ان يهتموا بدول إقليمية ( ايران ،تركيا ) ، دول ما بعد الطوق العربي ، دول بثقلها السياسي والاقتصادي و العسكري تهيمّن على المنطقة ، و تؤثر على مُجريات الامور في دول المنطقة .
ثمّة فرق بين حالة ايران و حالة تركيا بخصوص القضية الفلسطينية : حقائق و وقائع تجسّدُ هذا الفرق .
لتركيا علاقات دبلوماسية مع اسرائيل ، وهي ليست على استعداد للتضحية او التخلي عن تلك العلاقات المحكومة في أُطرْ تأريخية و سياسية و ناتويّة وأمريكية .
تركيا تتعامل وستتعامل مع القيادات الفلسطينية و تجاه القضية ،آخذة بعين اعتبار هذه الاطُر .
الرئيس اوردغان يتعامل مع القضية و مع القيادات الفلسطينية لاعتبار إسلامي و لاعتبار شعبي وليس لاعتبار سياسي او لاعتبار مقاومة ضد احتلال .
لم ولن يُقدمْ الرئيس اوردغان او غيرهِ على تعزيز المقاومة الفلسطينية بسلاح .
في جعبة اسرائيل أوراق ضغط و مساومة على و مع الرئيس اوردغان ، وتضعه في موقف ضعف أزاءها ( ازاء اسرائيل ) ؛ تركيا هي ايضاً الآن تحتل ٥ بالمائة من الأراضي السورية ، وتساعد جماعات مسلحة وارهابية اقترفت جرائم حرب و جرائم تطهير عرقي في سوريا ( وفقاً للتقرير الأممي الذي وضعته لجنة تقصي الحقائق في سوريا ، والتي عرضته في اجتماع مجلس حقوق الانسان في جنيف بتاريخ ٢٠٢٠/٩/٢٣ ) ، ولها وجود عسكري غير مشروع في العراق ( احتلال ) ، ولها سجل و قيود مع الجماعات المسلحة والإرهابية ،ولها حضور و قواعد عسكرية ( إنَّ لم نقلْ اطماع ) في دول عربية و أفريقية .
على الفلسطينيين أن يعلموا ،من الآن ، بأنَّ يد تركيا ممدودة نحوهم ولكنها محدودة بعطائها ومقتصرة على البعد الإسلامي و الإنساني .
يُحسب لقيادة السلطة الفلسطينية خطوة الإقدام نحو تركيا ، مع علمها بأنَّ هذه الخطوة تُغيض مصر و الامارات و المملكة العربية السعودية . و الخطوة دالة على أنَّ السلطة الفلسطينية ( الرئيس ابو مازن ) قد غسلتْ يداها من الأمة العربية ومن الجامعة العربية .
ومثلما طّبعت الامارات والبحرين مع اسرائيل و باركت مصر الخطوة وأيدت علناً او بالصمت دول عربية اخرى ، و كذلك الجامعة العربية ، استدار و بقوة رئيس السلطة الفلسطينية نحو تركيا .
السؤال هو : هل سيطّبع الرئيس ابو مازن علاقاته مع أيران ؟ هل لا يزال يخشى ،في ذلك ،لومَة امريكا و بعض الأشقاء العرب ؟ و هل سيتوجّه الى ايران بعد الحلقة الثانية للتطبيع ؟
ما سيقرره الرئيس ابو مازن تجاه ايران ،باعتبار ايران دولة إقليمية فاعلة و باعتبارها دولة إسلامية ، سيكون امراً حاسماً في أختيار طريق المقاومة او في الاستمرار في المساومة .
أيران ليست ، في موقف ضبابي تجاه القضية الفلسطينية ،ليست كموقف تركيا .بين ايران وقضية فلسطين علاقة عقائدية و شرعية و ميدانية ،علاقة تضحية و دماء وشهداء .بين ايران واسرائيل و حلفاء اسرائيل ليست علاقات دبلوماسية وسياسية سرّية او علنيّة ،و إنما علاقات عداء و اعتداء و عقوبات واغتيالات .
صَبرتْ السلطة الفلسطينية ، و لأكثر من عقديّن من الزمن على الانفتاح على ايران ،مراعاة و محاباة لمَنْ أوعدوها بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية .
اليوم قد كُشِف الغطاء عن المرواغة والكذب و الخداع وتبيّن الحق مِنْ الباطل ، و لا خيار للسلطة الفلسطينية غير طريق الانفتاح على ايران وباكستان و الاعتماد عليهما وعلى تركيا سياسياً و اسلامياً و مقاومة .
* سفير سابق .