هل هذه هي ثمرة صبر الشعب وتضحياته ان يستقبل في مراكزه الثقافية الكتب المعادية لدينه جهاراً نهاراً ؟! هل الحرية تعني ان يتم الترويج للكفر بالله ورسوله علانية في شوارع بغداد !
هل سيصل بنا الحال في يومٍ ما الى ان نكون امام خيارين اما تفضيل العودة الى خيار استبدادي يحفظ للمسلمين دينهم وعقيدتهم وتربية ابنائهم على القيم والاخلاق الاصيلة ونبذ مفاهيم الحرية الزائفة التي تبيح كل شي واي شيء ! امام خيار القبول بالذلة والمهانة وامتهان الكرامة والمسخ الفكري في ظل نظام حالي يدعي رفع راية الحرية والاباحية الفكرية ويتيح لخصوم الاسلام الطعن فيه وتثقيف الناس على الكفر الذي جمَّلوه واغدقوا عليه عبارات "الحرية الفكرية" و"حرية التعبير" !!
نحن لا نخاف تلك الكتب التي تروج الكفر ولا نخشى من وجودها ، فها هي موجودة في الانترنيت وهو فضاء مفتوح في العراق لكل الناس ، فعقيدتنا والحجج الالهية التي انزلها الله سبحانه للمسلمين اقوى واكثر اقناعاً ومقدرة على رد تلك الافكار والمفاهيم الفاسدة والكافرة التي يجابهنا بها خصوم الاسلام ، ولكن القضية ليست قضية نقاش فكري لا يخيفنا ولا يزعجنا لأننا نعرف قوة مبانينا الفكرية واصالة حججنا الالهية ، بل القضية تتعلق بغزو ثقافي يتعرض له شعبنا ، غزو يتقوى بمفاهيم "حرية التعبير" وكأن "حرية التعبير" لا تقوم الا على الكفر وعلى العداء للاسلام ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقيمه النبيلة واخلاقه الفاضلة !
ان قضية الغزو الثقافي الذي يتعرض له الشعب العراقي هي قضية خطيرة يجب ان يلتفت اليها القائمون على النظام في العراق من اعضاء مجلس النواب ومجلس الوزراء بل ورئيس الجمهورية ايضاً باعتباره الجهة الرقابية المسؤولة على تطبيق الدستور وهذا الغزو يتعارض مع الدستور العراقي الذي ضمن الهوية الاسلامية للشعب العراقي وهو ما يحاول الغزو الثقافي طمسه وتغيير معالمه لا قدر الله عز وجل.
كما ان الغزو الثقافي هذا يهدد الامن الداخلي فهو من جهة يعطي الذريعة للجهات الارهابية للمزيد من الارهاب بدوافع اسلامية موهومة ومن جهة اخرى فان هذا العداء الثقافي لثقافة الشعب الاسلامية سيوفر الارضية لنمو الافكار الارهابية في اذهان العديد من الشباب من اجل التصدي له بالقوة وهم يرون الدولة ساكتة ومتفرجة على ما يجري من كفر صريح بالله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بلدهم العريق باسلامه والترويج لهذا الكفر تحت عنوان الفكر والثقافة و"حرية التعبير" !!
ان الانظمة الحاكمة في مختلف دول العالم حريصة على الحفاظ على امن شعبها وسلامته وسلامة الامن الداخلي لكافة مؤسساتها ولذلك نراها تشرع في بلادها قوانين تحد من الحريات العامة ولا سيما الحريات الشخصية وحرية التعبير فهناك في بعض الدول قوانين تمنع الخمار في الشوارع وتمنع الحجاب في المدارس وبعضها يمنع المآذن في الجوامع ! وبعضها شرّع قوانين للتنصت على المكالمات الهاتفية لعامة الشعب ! كل ذلك من اجل ما يعتقدونه ضمن سياق الحفاظ على امنهم وسلامة شعبهم ، فلماذا لا يوجد للنظام القائم هنا في العراق مثل هذا الحق في الحفاظ على امن الشعب وسلامته من خلال منع الترويج للافكار المعادية لثقافة الشعب الاصيلة ؟ الا يحق للنظام في العراق مثل هذه الخطوة التي تصب في مصلحة الشعب وامنه وسلامته ؟! ام ان هناك قوى خارجية تضغط على النظام من اجل اطلاق يد خصوم الاسلام في البلاد عبثاً بقيم الشعب وثقافته ومقدراته !؟
ان تجفيف منابع الارهاب لا تكمن في منع الكتب التحريضية على الارهاب وعلى ثقافة الارهاب فقط ـ كما يحصل الآن - بل يجب ان تشمل ايضاً منع الكتب التي تثير نفوس الناس للسير في طريق الارهاب من خلال شعورهم بالظلم وتهديد مستقبلهم ومستقبل ابنائهم والاجيال القادمة من الانحراف وراء الثقافات الغريبة المعادية لدينهم وقيمهم.
الم يحن الوقت للنظام في العراق ان يشرع قوانين للأمن الثقافي تحافظ على الاستقرار الداخلي وسلامة المجتمع مثلما تفعل جميع دول العالم الحريصة على استقرارها الداخلي وسلامة مجتمعها ؟