وعده آخرون نوعا جديدا من أنواع الحرب الباردة وتوجيه (إنذار) او تهديد مهذب لمن لا تستطيع السلطة التنفيذية ترويضهم وجرهم الى ميدان الحرب السياسية المشتعلة والتي طحنت رحاها الكثير من أقطاب السياسة العتيدين. قراءة أخرى كانت مغايرة لما سبق وهي أن هناك نية غير معلنة لدى إحدى الكتل السلطوية (لاستبدال) المرجعيات الموجودة حاليا والتي باتت (تعرقل) مسيرة العمل السياسي (بحسب إحدى الكتل) وبالتالي لابد من إيجاد مرجعية أخرى تتوافق وما يجري في البلاد وربما تبصم بالعشرة على قرارات الحكومة مهما كانت.
وبصرف النظر عما سلف من القراءات وعن مدى حقيقتها فإن القرار لم يكن خاليا من رسالة ما، ولم يكن توقيته وإعلانه اعتباطيا مهما حاول من تبناه الدفع باتجاه ذلك، فقد كشف هذا القرار عن مدى سطحية التنفيذيين في السلطة ومدى انجرارهم وراء أقوال وطروحات من يعدونهم مستشارين لا يشق لهم غبار، القرار ووجه برفض شعبي ورسمي فقد اظهر العراقيون (حتى العلمانيون منهم) حرصهم الشديد على هذه المؤسسة التي أثبتت خلال تسع سنوات من الإرهاصات التي شهدتها الساحة العراقية أنها رمز للجميع وقد وقفت في جميع هذه الملمات على مسافة واحدة من الجميع. أما على الصعيد الرسمي فإن الاستنكار والرفض كان هو اللغة السائدة او الغالبة على لسان جميع السياسيين من غير الكتلة الحاكمة التي تعوّد أعضائها على الموافقة والمساندة مهما كان الطرف المقابل، ومهما بلغت رمزيته. ولعل الكلام عن التوقيت في إطلاق هذا القرار يفضي الى العديد من التساؤلات التي يصعب الإجابة عليها، ففي الوقت الذي يشهد به البلد تطاولا على معتمدي المرجعية وانتهاكات صارخة بحقهم والتي توحي لذوي الألباب أنها ضربة موجهة لشخص المرجعية؛ يتم إعلان هذا القرار وكأنه تصريح بالقتل او إعطاء الضوء الأخضر للرعاع باستهداف المرجعية وهدم مؤسسة باركها الإمام الحجة المنتظر (عج) وعمرها ناهز الاثني عشر قرنا. ثم أن هذا القرار جاء في وقت كانت الناس تتوقع فيه إجراءات مشددة بحق من يستهدف معتمدي المرجعية وإنزال القصاص العادل بهم لجعلهم عبرة للآخرين، لا تقليص عدد حمايات المراجع وجعلهم عرضة للإرهابيين ونهزة للطامعين. ربما سيتراجع صاحب القرار عن قراره ولكن هذا سوف لن يخرجه من دائرة الاتهام وسينفجر بالونه الذي أطلقه لجس نبض الشارع في وجهه عاجلا أم آجلا.