لعلّ من أهم ميزات النظام الديمقراطي وجود هيئات مستقلة ترتبط بالبرلمانات المنتخبة من قبل الشعب، وهذه الميزة أوجدها النظام السياسي الجديد في العراق فالمفوضية العليا للانتخابات وهيئة النزاهة وهيئة المساءلة والعدالة وغيرها من المؤسسات الرقابية غير الخاضعة لسيطرة الحكومة التنفيذية تجعلها مؤسسات رقابية وتنفيذية خارج نطاق عمل الحكومة ويجعل الحكومة تحت نظرها من دون أنّ يكون لها تدخل في عملها الرقابي أو التنفيذي، وتبقى تعمل تحت نظر السلطة التشريعية ولاحظنا في الآونة الأخيرة وفي برنامج السيّد رئيس الوزراء التوسعي وضمن خطته للاستحواذ على جميع منافذ السلطة يحاول ان يجعل هذه الهيئات تحت سيطرة الحكومة وربطها بمجلس الوزراء وقد مارس ضغوطاً عديدة مع رؤسائها من أجل تسييسها والذي يرفض التواطؤ معه يلفق التهم كما حصل مع رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة، وكذلك تدخله في عمل هيئة المساءلة والعدالة وإصدار أوامر استثناء لكبار ضباط الجيش العراقي من اجل ضمهم الى المؤسسة الأمنية مما أدى الى زعزعة الوضع الأمني وأصبحوا ملاذاً آمناً للمخربين والإرهابين وكذلك محاربته للمفوضية العليا للانتخابات وإلساق التهم بها وما حدث مع رئيسها مؤخراً يعد واحد من أكثر المهازل السياسية حيث تتهم شخصية بدرجة وزير بسرقة مبلغ أربع مائة وخمسون ألف دينار وترك من يسرق المليارات يسرح ويمرح بدون رقابة ولا تعزير, ومحاولة المالكي السيطرة على البنك المركزي والذي يمثل عصب الحياة الاقتصادية وما تعرض له الدينار العراقي من تراجع أمام الدولار الأمريكي سببه سياسة حكومة المالكي المالية الخاطئة والضغوط التي يتعرض لها مدير البنك المركزي بسبب رفضه الرضوخ لهيمنة رئيس الوزراء باعتباره رئيس لمؤسسة مستقلة, ان حفاظ الهيئات المستقلة على استقلاليتها وبقائها تحت نظر السلطة التشريعية فيه ضمان لعملها بعيدا عن الضغوطات السياسية التي تتعرض لها من قبل الحاكم سواء كان المالكي أو غيره.