أثبتت التجارب بأن تعدد الرؤى وتنوع الأفكار واختلاف المناهج أمر صحي وطبيعي وخاصة في العمل السياسي بل هو قوة ونتيجة مسلم بها وتطبيق للحرية والاستقلال بالرأي ومن ثم العمل على التنسيق بين المتعدد والمختلف والمتنوع لانتاج رأي عام وتوحيد الجهود في إظهار وإنجاح مشروع ينهل من كلّ المنابع ليصب في مصلحة وهدف موحد يتفق عليه الجميع، رُبّما يكون هذا الوصف وهذا التحليل هو الأقرب بين كيانين سياسيين شيعيين كبيرين هما المجلس الاعلى وحزب الدعوة قارعا النظام البائد ولهما باع طويل في العمل السياسي سواء على مستوى النظرية او التطبيق، ساهما في تأسيس العمليّة السياسية بعد تحرير العراق وبصماتهما واضحة عليها منذ عام ٢٠٠٣، ولحد الآن وبينهما تاريخ طويل من العمل المشترك كما لديهما سجل حافل من الانتكاسات والتجاذبات والتقاطعات وصلت في بعض الأوقات إلى الصراع لكنّ نتمنى أنّ لاتصل الى القطيعة وهذا ما يؤكده بقاء حبل المودة بين الطرفين، ولستُ أريد ان أحمل طرف دون طرف المسؤولية أو تبعات كلّ تلك الفصول الماضية بقدر ما أريد ان أسجل هذا الموقف للتاريخ ولكوني اتقطع ألماً وأُكوى بنيران الحسرة وأتجرع كأس السم حالي كحال الملايين من اتباع آل البيت عليهم السلام، وما نتعرض له من ظلم وحرمان وضياع الحقوق رغم كلّ ما تحقق من إنجازات طوال هذه المسيرة وأحاول أنّ أكون هنا في مقام الناصح والحريص والمحايد رغم تحفظي على الكثير من السلوكيات والتوجهات والاخفاقات، خاصة بعد انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة وما سادَ من تغليب لغة الغالب والمغلوب والرابحين والخاسرين ومحاولات اقصاء أيّ دور للمجلس الاعلى وأبعاده عن أجواء العملية السياسيّة ومراكز التأثير وما تلاه في الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة واتفاق أربيل وكيف سارت الأمور بعد ذلك وبصورة معروفة للجميع، الآن وما نلمسه في هذه الأيام من تقارب بين حزب الدعوة والمجلس الاعلى وبعد لقاء الوفدين بحضور المالكي والحكيم ماذا نحتاج وماذا نريد من اكبر كيانين شيعيين هل تعاد التجارب السابقة أم إنّها لقاءات لتقليل الضغط وفتح جبهات بعد ماوصلت الأزمات السياسية إلى ال(لا حل)+ وازدادت الضغوط على الحكومة او على حزب الدعوة بالذات وشخص المالكي كرئيس للوزراء فتكون هذه اللقاءات بمثابة تنفيس او مناورة سياسية لكسب الوقت والدعم فلا اعتقد من المفيد او المجدي من هكذا لقاء او تقارب أم ان التفكير سيكون بالاستفادة من الماضي والتركيز على قوة الاجتماع والالتزام بما يتفق وتحويله الى قواعد للانطلاق من جديد نحو تثبيت المشروع الشيعي وحقوق آل البيت في العراق بوصفهم أغلبية سياسيّة وسكانية ومنها سيكون الحل لكلّ المشاكل والأزمات الطاغية على الساحة العراقية وما تتعرض له العملية السياسية من انزلاقات خطيرة، خاصة وان هذا التحالف أثبت سابقاً بأنه قادر على تجاوز العقبات والنجاح رغم كلّ المعوقات الذاتية والداخلية والخارجية، فالمجلس الأعلى والدعوة بتقاربهما وتوحدهما مع صفاء النوايا والالتزام التام وعدم النظر إلى الوراء قوة لا يستهان بهما ولا يستطيع احد أنّ يُغامر بخسارتهما معاً، وسيشكلان محور قوي لكلّ القوى.