يعتبر المجلس الاعلى وحزب الدعوة أشقاء تجمعهم مشتركات كثيرة على مستوى الرؤية والهدف وأن أردنا وضع نسبة لمشتركاتهم فلن تقل عن ٩٠% ، أضافة الى المساحة الواحدة التي يعمل فيها الأثنين ,وحسب طبيعة الأخطار المحيطة بالعملية السياسية يفترض أن لا تنقسم هذه المساحة فيقل تأثيرها بالوضع العراقي الذي يضم قوى متربصة حالمة وطامحة بأستعادة المجد المفقود وأخرى تنتمي للوضع الشيعي الا أنها قوى مراهقة لا تمتلك بعداً ستراتيجياً يحمي المكون ويحصنه من مؤامرات الشريك المعتمد على أموال ونفوذ الدول الخليجية الرافضة لأي نفوذ شيعي بالعراق وهي تخوض حرب ابادة ضد الشيعة مستخدمة كل أمكاناتها المادية والمخابراتية ونفوذها ومؤسساتها الدينية التكفيرية التي أخذت على عاتقها تحشيد قاذوراتها البشرية عبر فتاوى التكفير والقتل الموجه ضد الشيعي طفلا أو شيخا ! وبعد فشل هذا المشروع أصبحت الاولوية لمشروع اخر وهو محاولة جمع وتوحيد القوى السنية والبعثية (حيث للبعث الصدامي وجود في الوسط الشيعي) ، وبالمقابل الاستفادة من اي حالة تشتت وافتراق شيعي . أن القوى الشيعية الرئيسية هي حزب الدعوة والمجلس الاعلى ،حيث أنهم يشتركون بكل شيئ ولا يتقاطعون الا بجزئيات ممكن التقارب بخصوصها هذا أولا وثانيا لما لهما من تأثير في الشارع أكبر من القوى الأخرى ،فنتائج الأنتخابات أفرزت هذا التأثير ،دولة القانون حصدت اكثر الاصوات بفضل الشعبية التي يتمتع بها رئيس الوزراء ، فيما حل الأئتلاف الوطني ثانيا (في الوسط والجنوب) بفضل جمهور المجلس الاعلى بالدرجة الاولى (مثلا في البصرة حصل المجلس الاعلى على ١٠٨ الف من اصوات الناخبين والتيار الصدري حصل على ٤٠الف ، لكن مقاعد التيار في البصرة ثلاثة بينما المجلس مقعد واحد !!والاغرب ان حزب الفضيلة حصل على ١٥ الف صوت فقط محققا في البصرة مقعدين ) ومثل هذا حصل في جميع المحافظات . فأغلب جمهور محافظات وسط وجنوب العراق لا تخرج من أطار الاثنين ، أضف الى أن تحالف المجلس والدعوة موجود بالاساس ولايحتاج سوى تفعيل وتباحث جاد وعميق للخروج بنظرة موحدة انطلاقا من مصالح ابناء الوسط والجنوب وتطلعاتهم نحو الأزدهار والاستقرار وهذا لن يتحقق في ظل المناكفات والمماحكات التي تزيد الاوضاع سوءا باضافة ازمة سياسية الى جملة مايعاني منه المواطن . أن الوحدة الشيعية التي مصداقها التحالف الحقيقي بين الدعوة والمجلس (لأنهم الاقرب والاكثر انسجاما) ستؤدي الى تحسين الوضع العراقي بصورة عامة وتساهم بحلحلة الازمات السياسية المتتالية التي تضعف العراق ، فالدخول بكتلة شبيهة بالائتلاف الموحد سيفرز نتيجة مشابهة للنتيجة السابقة أي سيتعامل الاخر مع كتلة الأغلبية كأمر واقع لا يمكن تجاوزه مع عدم الاضطرار الى اللجوء لصفقات وتنازلات كما حصل في اربيل اضافة الى عدم قدرة الاخرين بمحاولة أختراق الكتلة الواحدة بينما يحصل هذا الاختراق أو الطمع بالحصول على مكاسب عندما يحصل الاندماج لاحقا (كأندماج أئتلافي القانون والوطني) حيث يعلم جميع اللاعبين بخلافتهم وما وحدهم الا الأتفاق على هوية رئيس الحكومة . يبقى على هذا الأتحاد الشيعي واجبات تجاه شعبه وتجاه الاجيال ، فيجب الابعتاد عن اي محسوبية أو تمييز شخص على اخر بسبب انتماء وعدم أنتماء حزبي والتعامل مع الشعب الشيعي بمساواة تساهم بترسيخ حالة الوحدة ، ومن واجباته ايضا محاربة جميع صور الفساد والعمل الدؤوب للنهوض بالواقع الخدمي والاقتصادي والعمراني فكل المقومات متوفرة ، ايضا ياخذ بالاعتبار تطهير المؤسسة العسكرية والامنية من ادران الماضي وشوائبه في هذه المؤسسات.
ان تحالف الدعوة_مجلس قابل لخلق حالة اتحاد منطلقة من هموم مشتركة لجمهور الفريقين وتطلعاتهم الذي هو بالاساس لا يمكن تقسيمه أنما انشطر مؤخرا , وكل المراحل السابقة لسقوط الطاغية واللاحقة خاضها الاثنين سوية (رغم وجود الخصوصيات )والاختلافات الطبيعية هنا وهناك الا ان الامر بينهما لم يصل الى ما وصل اليه بين الاكراد الذين نهضوا من بين ركام الخلاف والاختلاف والحروب الداخلية ليخأذوا اكثر من حقوقهم بالوحدة وحدها وليس غيرها ، وهناك فرص نجاح لهذا الاتحاد الشيعي أكبر من نجاح التحالف القوي بين الحزبين الكرديين ،شرط تبني مشروع الخصوصية الشيعية بواقعية بعيدة عن الادعاءات الوحدوية الكاذبة والدولة المركزية التي تشكل خطرا حقيقيا على الشيعة ومستقبلهم ، وفكرة هذه الخصوصية جاهزة ومهيأة عبر اقليم الوسط والجنوب وعملية عودة المناطق المقتطعة من الجسد الشيعي.
ان هذه المرحلة تعتبر مرحلة ذهبية للشيعة ولا زالت الفرصة قائمة لتحقيق مصالح الشيعة المنبثقة من وضع مستقر ثابت لا يمكن خلخلته بالمؤامرات الداخلية والخارجية المستمرة ، ولن يأمن الشيعة او يتطوروا ويزدهروا الا ببناء كيان فدرالي مدني عصري.
كل الامكانات متاحة لخلق فرص التطور الكبير وابتداعها وليس من المنطق استمرار عملية بعثرة وتبذير الثروة الشيعية الهائلة بمشاريع فاشلة تنتجها الشراكة والمركزية التي تلزمنا بعدم الاعتراض على دعم من يتلذذ بسفك الدم الشيعي بهذه الثروات (فيقتل الشيعي ويذبح بثروته )!! فضلا عن العراقيل السياسية التي تعيق اي عملية تطور وتقدم ملموس وعلى كافة الصعد ، وسنبقى نراوح وننتظر رضا الشريك ولن يرضى الا بالعودة الى الخلف والتخلف.
ان المجلس الاعلى وحزب الدعوة مطالبين اليوم بتغليب مصلحة الشعب الشيعي وطرح كل الخلافات جانبا او حلها جذريا عبر لجان دائمة والا فأن التاريخ لن يرحم والمبادرة بأيدي من يملك الفرصة التي لن تتكرر , من يملك السلطة يملك الارض وقد جاءت نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة وما رافقها من وضع شيعي مشتت وسني موحد بمثابة التحذير الاولي الذي يجب ان يدركه جميع الشيعة وبالخصوص القوى الشيعة وعلى رأسها (الدعوة والمجلس ) , فلو جمعنا تلك النتائج مع الظروف الحالية ستكون النتيجة حاكما سنيا بقرار مؤثر , او على اقل تقدير حاكم شيعي (ديكور) ضعيف مع غلبة للقرار السني , وكما قلنا من يملك السلطة (القرار ) يملك الارض وهنا تكون بداية العودة البغيضة لحكم الاقلية الحاذقة بتقديم الموت والتهميش والتخريب لكل ما هو شيعي!!
ان الازمة الراهنة اثبتت ان الوضع الشيعي لم يبنى على مرتكزات ثابتة واسس صلبة تحصن الاغلبية من التهميش والاقصاء وسهولة تعرضهم للمؤامرات , فنظام الحكم في العراق نظاما برلمانيا مركزيا ( رغم اقرار الفيدرالية دستوريا ) والنظام البرلماني قائم على اساس الاغلبية العديدية في البرلمان ,ولو تمعنا قليلا لعرفنا ان الاغلبية البرلمانية الداعمة للحكومة غير متوفرة بينما معارضي الحكومة الذين هم اكثر من النصف قادرين على اسقاطها بطريقة دسستورية (رغم التأمر ) لكنها طريقة مشروعة وفق الاصول الديمقراطية , فهل يوجد شيعي عاقل يؤمن بهكذا وضع هش يثير تساؤلات مخيفة حول المستقبل ؟؟.