يخشى الشارع العراقي من تحول السلطة إلى أداة لجمع المال والثراء الفاحش على حساب الجماهير المُدقعة بالذل والجوع، الفرق بين أنّ تجلس على كرسي صناعة القرار وتوجد ضميراً جاهراً ويقضاً وإنسانيّاً لحل مشاكل الفقراء والمعدومين وهم على قيد العراق وبين أنّ توجد لنفسك غطاءاً مشرعناً يُعطيك الشرعيّة القانونيّة بان تشرع القوانين وتستحوذ على (مال الغلابة) هو فرقاً شاسعاً ويستحق الوقوف والتمعن به وقراءته قراءة موضوعيّة يترتب عليها حدثاً ومُعطيات ونتائج وقرارات بغيّة إيجاد الحلول لها وعدم تكرارها على الأقل.
وأنا أتابع ردود الافعال على تلك الحادثة التي أثبتت وبما لا يدعُ للشك مجال بأننا إزاء محنة مع هؤلاء الذين لا يملكون أيّ وازعٍ و واعزٍ أخلاقي وإنساني، بل الأدهى أنّ تجد أصوات منهم تخرج مبرّرة ومسوغة لتلك المطالب أو قُلّ السرقة، جاءتني دعوة من قناة الحرية الفضائية لتصوير برنامج يعرض من خلاله مأساة (ضحايا الإرهاب) فلبيت الدعوة كوني واحداً منهم وكوني أملك الكثير من المسكوت عنه والذي ينبغي أنّ يُقال، ولا تسل يا قارئ السطور ماذا رأيت!، فأنا رأيت كلّ شيء، رأيتُ أمام عيني ضحايا الإرهاب وهم مقطعة أياديهم وأرجلهم وهم ينتظرون من سنين طوال مكرمة (أمير المؤمنين)، جراحهم لم تبرأ بعد ودمائهم لم تنشف، مأساتهم تعجز ألفاظ اللغة ودلالاتها عن إيجاد لفظ يُعبر عن تلك الصور التي يقف الضمير المعدوم إزائها باكياً ومتألماً ومصغياً لوقع الخطى التي مسها الذل والفقر والجوع والانتظار.
كُلّكم يتذكر بل عايشَ وواكب مسيرة (جمهورية الخوف) وشاءت الأقدار أنّ يرى (جمهورية اللصوص)، أتدرون ما هو الفرق بين الجمهوريتين؟، لا (فرق) بينهما، لأنكم ستدركون قريباً بأن جمهورية اللصوص هي من ستُمهد لقيام جمهورية الخوف، وحينها فقط ستجدون أنفسكم وسط ركام الجمهوريتان اللتان أسستا المنظومات، والتصورات، والأفكار، والأقلام، والطبول، والأبواق، والثراء، والفقهاء، وحينها فقط سنعض أصابع الندم التي مرغناها (بالحبر البنفسجي) حتّى تُقطع.
نقطة ضوء:
الجائع لا يقبل الأعذار، ولا يطمئن إلى الوعود، كما لا يُبالي بالعدالة، ولا يقنع بالدعاء. سينسكا .