اليوم ستجتمع بعض الدول الكبرى للنظر في استهداف المسيحيين وذلك لتاجيج الراي العام المسيحي
لا استغراب في هذا التحليل اذا علمنا بان اعداء الاسلام يخططون لخمسين سنة قادمة ومن توقعات السياسيين الامريكيين ان الصين واليابان والهند وان كانت وثنية فان تطور عقولها سيدفعها للبحث عن عقيدة دينية في نهاية المطاف فلاتجدها في اليهودية ولا النصرانية فلايبقى الا الاسلام ، وهم يتوقعون ان سنة ٢٠٥٠ ستكون سنة وصول الاسلام الى هناك او سنة اسلامهم ، ولذا اوصوا بغزو الاسلام في مراكز قوته وفي مقدمتها العراق
ومن جهة اخرى خططوا للحيلولة دون دخول شعوبهم وخصوصا المسيحيين الى الاسلام فاختاروا اسلوب التشويه والصاق تهمة الارهاب به ليكون اسم الاسلام منفرا لهم
ومن هنا فان مايجري في العراق يصب في هذه السياسة ومنه استهداف المسيحيين وتحميل المسلمين المسؤولية
واستعداد بعض الدول لاستقبال المسيحيين يراد منه تشويه سمعة الاسلام حين انتشارهم مع الشعوب المسيحية لوضع حاجز بينهم وبين الاسلام
ومنه ايضا الفتنة الطائفية والقتل على الهوية وتفجير المساجد وتحميل جميع المذاهب الاسلامية المسؤولية فاذا اراد احد الغربيين او المسيحيين ان ينتمي للاسلام يبقى متخوفا ان اصبح شيعيا فسوف يقتله السنة وان اصبح سنيا يقتله الشيعة وخصوصا بعد استهداف الحجاج قبل عام او عامين واستهداف المراقد المقدسة لائمة المذاهب فلا ننسى ماقام به البريطانيون في البصرة من محاولة تفجير احد المراقد المقدسة وتستر الحكومة عليها بتاثير بريطاني
وعدم اظهار نتائج التحقيقات حول العمليات الارهابية المؤطرة باطر طائفية خير دليل على ما نقول
طرحت هذه الفكرة في مؤتمر الفكر المهدوي المنعقد في طهران قبل سنتين وبحضور عشرات الشخصيات من مسلمين ومسيحيين من شتى انحاء العالم فاعترض علي بعض الحاضرين مدعيا ان امريكا جاءت من اجل النفط فاجبته بانها قادرة عليه دون احتلال العراق والتواجد في المنطقة ونفط الشرق الاوسط بيدها فعليا
وبعد يومين صرح احد القادة العسكريين البريطانيين بان بريطانيا ستبقى في افغانستان لسنة ٢٠٥٠
وارجو ان لا اتهم بالخرافة من قبل البعض ان قلت ان الغربيين يرون ظهور شخصية عربية مسلمة تنازلهم قبل الظهور الثاني للمسيح ولذا جاءوا لمحاصرتها وقد تواترت الاخبار ان احد اسئلتهم لجيش المهدي في السجن يبحثون عن تواجد ولقاءات المهدي
ولا ننسى الفلم الذي رايناه في الثمانينات حول الحرب بين القائد العربي المسلم والغربيين
وقد صرح الرئيس الامريكي الاسبق نيكسون (( ان في عام ١٩٩٩ نكون قد سيطرنا على العالم ويبقى ماتبقى على المسيح ))
لم يظلم مسيحي حتى في عهد المجرمين من ولاة المسلمين
هذه حقيقة فالمسيحيون لم يظلمهم احد بل كان بعضهم مستشارين عند بعض الخلفاء فلم يظلم مسيحي في عهد يزيد او في ولاية الحجاج الثقفي او يوسف بن عمر او المتوكل او الدولة العثمانية او المملكة العراقية او الجمهورية
وكان بعض المعارضين للحكومة الاموية والعباسية يدعون انهم مسيحيون للتخلص من الاعتقال او القتل
فظاهرة قتل المسيحيين جاءت مع المحتلين وبعد عمل ٩٢ مخابرات عالمية في العراق
حماية غير المسلمين في القانون الاسلامي
من مصاديق انسانية الاسلام ورحمته باتباع الاديان ان تبنى حمايتهم من كل الوان الاضطهاد والظلم والعدوان، بقسميه الخارجي والداخلي، فهم آمنون على ارواحهم واعراضهم وممتلكاتهم، وتجلى هذا التبني منذ الايام الاولى لاقامة الدولة الاسلامية في المدينة المنورة، حيث كتب رسول الله(صلى الله عليه وآله) كتاباً حدد فيه دستور العلاقات بين مواطني المدينة على اختلاف أديانهم، وقد جاء في هذا الكتاب: «... وانه من تبعنا من يهود فان له النصرة والاسوة، غير مظلومين ولا متناصرين عليهم... وان على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وان بينهم النصر على من حارب اهل هذه الصحيفة، وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الاثم...»( ).
وكتب رسول الله(صلى الله عليه وآله) امانا إلى يحنة بن رؤية صاحب ايلة جاء فيه: «هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن رؤية واهل ايلة... لهم ذمة الله، وذمة محمد النبي، ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر...»( ).
وفي عهد عمر بن الخطاب(رض) لم يستطع المسلمون حماية أهل الكتاب لعدم قدرتهم العسكرية أمام حشود المعتدين، فكتب أبو عبيدة إلى ولاة المدن أن يردّوا الجزية والخراج إلى اهلها، وان يقولوا لهم: (انما رددنا عليكم اموالكم لانه قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع، وانكم اشترطتم علينا ان نمنعكم، وانا لانقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم، ونحن لكم على الشرط...)( ).
وكان أهل الكتاب يتمتعون بجميع مظاهر الأمن في ظل الدولة الاسلامية في عهد الخلفاء، حتى وصل الامر إلى ان الإمام علياً(عليه السلام) يتأسف لاعتداء البغاة على نساء المسلمين وأهل الكتاب على حد سواء، ففي حثه على ردع البغاة يقول: «... وقد بلغني ان الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والاخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقليها وقلائدها... فلو أنّ امرءاً مسلماً مات من بعد هذا اسفاً ما كان به ملموماً».( )
ويرى الفراء ان لأهل العهد اذا دخلو دار الاسلام (الأمان على نفوسهم واموالهم، ولهم ان يقيموا اقل من سنة بغير جزية؟ ولايقيمون سنة إلاّ بجزية)( ).
ويرى ابن جماعة وجوب حمايتهم من العدوان الداخلي والخارجي فيقول: (فلهم علينا الكف عن انفسهم واموالهم ومعابدهم التي يجوز بقاؤها لهم وعن خمورهم مالم يظهروها... وعلينا دفع من قصدهم بسوء من المسلمين وغيرهم إذا كانوا في بلاد المسلمين)( ).
والدفاع عنهم من اجل حمايتهم موضع اتفاق بين الفقهاء، ففي مذهب الشافعي يجب على الامام (الذب عنهم ومنع من يقصدهم من المسلمين والكفار، واستنقاذ من اسر منهم واسترجاع ما اخذ من اموالهم سواء كانوا مع المسلمين، أو كانوا منفردين عنهم في بلدهم... فان لم يدفع عنهم حتى مضى حول لم تجب الجزية عليهم)( ).
ويقول النووي: (يلزمنا الكف عنهم وضمان ماتلف عليهم نفساً ومالاً ودفع أهل الحرب عنهم)( ).
ويرى ابن قدامة وجوب حماية غير المسلمين من قبل الإمام، ورد العدوان عليهم فيقول: (وإذا عقد الذمة، فعليه حمايتهم من المسلمين واهل الحرب واهل الذمة...)( ).
ويستشهد في مقام آخر بقول الإمام عليّ(عليه السلام): «انما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم كأموالنا».( )
حق التقاضي والحماية القانونية
للمواطنين الذين يعيشون في ظل الدولة الاسلامية سواء كانوا مسلمين ام غير مسلمين لهم حق التقاضي والحماية القانونية، لذا اوجب الفقهاء على القضاء الاستماع إلى دعواهم، والحكم بينهم سواء كانوا متحدي الدين أو مختلفين، قال ابن قدامة: (وإن تحاكم مسلم وذمّي، وجب الحكم بينهما بغير خلاف، لانه يجب دفع ظلم كل واحد منهما عن صاحبه)( ).
وغير المسلمين مخيّرون في التحاكم إلى حاكمهم أو إلى حاكم المسلمين، فليس لاحد منعهم من التحاكم إلى حاكمهم، وإذا تحاكموا إلى حاكم المسلمين فمن حقه الحكم بينهم طبقاً لحكم الاسلام، وفي ذلك قال الفراء: (وان تشاجروا في دينهم واختلفوا في معتقدهم لم يعارضوا فيه ولم يكشفوا عنه، وان تنازعوا في حق ارتفعوا فيه إلى حاكمهم لم يمنعوا منه، وإن ترافعوا فيه إلى حاكمنا حكم بينهم بما يوجبه دين الاسلام، وتقام عليهم الحدود إذا أتوها)( ).
وفي اقامة الحدود للحاكم حق الاختيار بين الحكم بينهم أو ارسالهم إلى حاكمهم ليحكم بينهم( ).
ويجب الحكم بالحق بين المسلم وغيره، أو بين غير المسلمين فيما بينهم، لا تمييز بينهم على اساس الانتماء العقائدي، فالجميع متساوون امام القضاء، والدليل على ذلك ان جميع الآيات القرآنية الدالة على الحكم بالعدل بين الناس، لم تخصص في مورد معيّن وإنما هي عامة بين المسلمين وغير المسلمين، ومن وصية الإمام(عليه السلام) لواليه على مصر يأمره (... بالعدل على أهل الذمة وبانصاف المظلوم، وبالشدة على الظالم)( ).
واكد الإمام عليّ بن الحسين(عليه السلام) على العدالة في الحكم في رسالة الحقوق فقال(عليه السلام): «واما حق أهل الذمة فالحكم فيهم ان تقبل منهم ما قبل الله وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده، وتكلهم إلى الله فيما طلبوا من انفسهم واجبروا عليه، وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة، وليكن بينك وبين ظلمهم من رعاية ذمة الله والوفاء بعهده وعهد رسوله حائل فانه بلغنا انه قال: من ظلم معاهداً كنت خصمه)( ).
وكانت سيرة رسول الله(صلى الله عليه وآله) وسيرة الخلفاء قائمة على اساس العدل في الحكم، ففي عهده(صلى الله عليه وآله) اتهم الانصار اليهود بقتل احدهم فتحاكموا إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال لهم(صلى الله عليه وآله) : الكم بينة؟ فقالوا: لا فقال: افتقسمون؟ فقالوا: كيف نقسم على مالم نره؟ فقال: فاليهود يقسمون فقالوا: يقسمون على صاحبنا، وكانت نتيجة الحكم ان برأ رسول الله(صلى الله عليه وآله) اليهود من التهمة واعطى ديته من عنده( ).
واختصم مسلم ويهودي عند الخليفة الثاني، فرأى ان الحق لليهودي فحكم بالحق لصالحه( ).
واروع صور ومظاهر العدل، ان الامام(عليه السلام) في عهد خلافته، تحاكم مع نصراني عند القاضي شريح، فقال شريح للامام(عليه السلام): ما أرى ان تخرج من يده، فهل من بينة؟ فقال عليّ(عليه السلام): صدق شريح، وحينما لمس النصراني العدالة بافضل صورها قال: (اما انا فاشهد ان هذه احكام الانبياء... امير المؤمنين يجيء إلى قاضيه، وقاضيه يقضي عليه)، واعترف ان الحق للامام(عليه السلام)( ).
وبما ان القضاء يتطلب الشهادة، فقد أجاز رسول الله(صلى الله عليه وآله) شهادة غير المسلمين بعضهم على بعض( ).
وفي حال الضرورة يجوز الشهادة وان اختلف الانتماء الديني، سئل الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) عن شهادة اهل الملل، قال: «لا تجوز إلاّ على اهل ملتهم، فان لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصية، لانه لايصلح ذهاب حق احد»( ).
ويحلف اهل الكتاب كما يحلف المسلم ويترتب على الحلف الحكم النهائي بلا فرق بين المسلم وغيره، قال الإمام الصادق(عليه السلام) : «اليهودي والنصراني والمجوسي لاتحلفوهم إلاّ بالله عزوجل»( ).
وفي قضايا الدّيات يتساوى المسلمون وغيرهم في ذلك، مع فارق في القدر المأخوذ، وإذا عجز الذمي عن دفع الديّة لقتله للمسلم خطأ، فديته على بيت المال( ) كما لو كان الذمي مسلماً.
تحية طيبة
مقالة رائعة تعتمد على تحليلات علمية ومصادر متوازنة وجهد مبارك
اشكر بدوري شبكة فدك لنشرها هذه المقالة المعتدلة والتي تعبر عن تعالي الشبكة على الطائفية وانطلاقها من الافق الارحب في نشر المقالات
جزيت خيرا استاذي العزيز سعيد العذاري
ونتمنى لشبكة فدك الثقافية التوفيق والنجاح
الدكتورة فاطمة العزاوي المحترم
اشكر مروركما الكريم وتعليقكما المباركين
وفقكما الله لكل خير