السيّد محمد باقر الحكيم مشروعٌ إسلامي و فكري ولد في مخاضاتٍ عسيرة وترعرع في كنف المرجعية وواجه مخاضات الساحة الفكرية برمتها فيما أثرى قلمه المكتبة الإسلاميّة بنتاجات التفسير والعقائد وعلوم القرآن والفقه والأصول، هذا المشروع الفكري الذي مازالت رشحاته تغمر المكتبة الإسلاميّة ظُلمَ ظلماً آخر، فإضافة إلى ظلم محمّد باقر الحكيم الرجل الذي تصدر المشهد السياسي ظلم محمّد باقر الحكيم رجل الدين لأسباب كثيرة لعلّ أهمها ريادته لمشروع المعارضة الإسلاميّة ومقاومته للمد ألبعثي الهمجي والدكتاتورية التي حكمت العراق بالحديد والنار، بقيّ هذا الظلم مرادفاً له حتّى الآن، فبين كلّ القراءات التي استذكرت محمّد باقر الحكيم كنا نتمنى قراءة موضوعيّة ومعمقة وجادة ومنفردة لنتاجه الفكري والمعرفي وكتبه وتراثه ومعطياته التي أسست ولخصت وأثمرت خطاباً معرفياً وفكرياً لمرحلة حرجة من تاريخ العراق الحديث ومازالت تجاذباتها وما نتج عنها يتردد صداه في أوساط الساحة العراقيّة.
محمّد باقر الحكيم المشروع المؤجل والذي لو قرأ لكان مشروعاً يحتوي على (منقذاً) بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معنى ومبنى، محمّد باقر الحكيم المشروع الذي يحمل العراق جرحاً ونزيفاً ووجعاً وألماً وهدفاً وغايةً وعطاءً منقطع النظير، محمّد باقر الحكيم المشروع الذي قرأ من زاوية واحدة ولم تتوحد تلك القراءات لإخراجه بقراءة تحمل البعد الذي أراده وأفنى حياته واستشهد من أجله، محمّد باقر الحكيم الرجل الذي روى الساحة بمجمل النتاجات الفكرية والسياسيّة ومنظومة الرؤى والتصورات المتكاملة والتي لو أعيد قراءتها لكان الخروج من هذا النفق المظلم والخروج من صخب الأفكار الآسنة يسيراً ومتاحاً، فمتى نلجُ أبواب هذا المشروع الذي انتظرناه طويلاً ومازلنا.
ثمّة رؤى وتجاذبات ونتاجات ومعطيات تفرض على الباحث الوقوف عندها وقراءتها قراءة مغايرة وفقاً لتغيرات المرحلة التي قُرأت بها والوقت الذي ولدت به، هذه المقدمة على بساطتها تعطي انطباع للقارئ بأننا بصدد كتابة بحث معمق، وهذا ممكن، فهذا العنوان لوحده من اليسير إخراجه وبلورته كورقة عمل تستحق البحث وكمشروع فكري يطرح بحلة جديدة وبألفاظ ومعطيات وتصورات تُرفد الساحة التي ملئها اليأس من تخمة الأفكار الباليّة، فهكذا مشروع آن له أنّ يرى النور.