ربما يفتقد الكثيرون ممن يحسبون أنفسهم قادة عظام مميزات القيادة وطرائقها ومبادئها, وربما لا يوجد في جعبة الكثيرين من هؤلاء ممن يشار اليهم اليوم مشروع واحد يمثل الخلاص, ويسير بالبلاد والعباد نحو بر ألامان, فلا شغل لبعض من يرى في نفسه الأهلية لقيادة مجموعة أو تيار أو حزب ألا أن يغردوا خارج السرب وان تكلموا ودخلوا على خط ازمة, فأنهم يزيدونها تعقيدا فتراهم أضاعوا الخيط والعصفور كما يعبر المثل البغدادي عن واقع الحال, او انهم لايمتلكون رؤية معينة لتجاوز الوضع الذي نعيشه في ظل تصاعد الازمات واستفحال الخلافات والاشكاليات, وهذا ليس تهجما بقدر ما هو رؤية شخصها شعبنا وهو يتحدث عنها بشكل يومي في المجالس والمقاهي والشوارع وحتى في منتدياته المتنقلة في سيارات الاجرة ووسائل النقل العامة.
ولا ارغب ان اسمي لكن مع كل المبادرات التي اطلقت من قبل رئيس الجمهورية جلال طالباني والسيد الحكيم ومبادرات اخرى, نجد أمثال هولاء يجتهدون في تعقيد الازمة ويتمسكون بعدد غير منتهي من ال (لاءات), فلا للحل ولا للاتفاقات ولا للتدخل ولا للمبادرات ولا للعودة الى الوراء ولا لكل شيء الا ما يرونه حقا وهو باطل في مشهد يستهتر بكل الاعراف والتقاليد السياسية والدبلوماسية حتى بات اللانظام سمة ملازمة لنظامنا الجديد بفعل هذه الرؤى القاصرة التي قادت الاوضاع في بلادنا الى التراجع والتخندق غير مبرر أصلا, وكأن اتفاقات اربيل وما صاحبها من تداعيات شيفرة يصعب حلها او فهمها فالكل ينادي بها بالأخص الأطراف المتخاصمة, فهذا يقول يجب ان تنفذ بينما يصر الاخر على ان بنودا كثيرة منها نفذت بالفعل.
لقد اثبتت التجربة بما لا يقبل الشك ان الطريق الاسلم والاصح هو الحوار والمكاشفة والمصارحة ووضع الامور على الطاولة دون اشتراطات مسبقة, وهذا ما يجب ان يذهب اليه الجميع عملا بالمبادرات التي اطلقت وبعيدا عن لغة التشكيك.
لابد ان نقرأ المواقف الحالية و نوايا من يقف وراءها فالتحالف الوطني اكد من خلال اجتماعه الاخير ضرورة الحوار ودعمه للحكومة الحالية مع التأكيد على وحدة مكونات التحالف, حيث لايمكن لطرف فيه فرض رؤيته منفردا على بقية القوى والمكونات وهذا ما سيخلق حالة من التوازن في صالحه وصالح العملية السياسية, بينما يرى قادة العراقية ان لاحوا راو اجتماعات ما لم تطبق اتفاقات اربيل في محاولة لابقاء الازمة على حالها وشل حركة الحكومة ومعارضة كل ما ينتج عنها سلبيا كان او ايجابيا دون وجود ضوابط تحدد مسارها وخطواتها القادمة وهذا تعطيل للبلاد واضرار بمصالح ابناء الشعب, كما انه تعنت غير مبرر لانعلم الى اين سيقود الاوضاع.
اما القوى الكردية فموقفها متضارب, فبين موقف الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البارزاني الرافض لبقاء المالكي في رئاسة الحكومة, يرى قادة حركة التغيير عكس ذلك تماما, فيما يقف الرئيس جلال طالباني والاتحاد الكردستاني مع الحوار في مسعى واضح للتمسك ببارقة امل لحل الازمة الحالية, وبين كل هولاء يقف المواطن العراقي حائرا بأنتظار الفرج ليرى نفسه في حال غير الحال التي يعيشها الان .