تتعدد الدعوات وتتنوع لتتوحد جميعها في مطلب واحد موجه الى الكتل السياسية وقادتها بالابتعاد عن التراشق الإعلامي وتقديم مصلحة البلد على المصالح الفئوية الضيقة, ولعل اخر هذه الدعوات هو تجديد المرجعية الدينية وعلى لسان معتمدها امام جمعة كربلاء المقدسة (الشيخ عبد المهدي الكربلائي), وخلال خطبة صلاة الجمعة دعواتها بالكف عن التصعيد حيث عبر الكربلائي عن قلق متزايد من استشراء حالة الشد والجذب والتراشق الإعلامي بين الأطراف السياسية، حيث ينتهج كل طرف لغة التهديد للطرف الآخر مما ادى ويؤدي إلى حصول حالة من الإرباك الشديد, مما سيعقد المشهد السياسي اكثر فاكثر, بحيث لا يمكن أن تتحقق أي نتيجة يريدها ويتمناها الشعب العراقي والذي ينادي كل طرف من الاطراف بالعمل على تحقيقه مصالحه وطموحاته في وقت يحتاج فيه البلد والشعب بشكل فعلي الى الاستقرار لتهيئة الارضية المطلوبة وتتحقق المصلحة التي يبغيها المواطن فعلا .
ان على الكتل وقادتها ان يدركوا بشكل لا لبس فيه إن لا ثمرة مرجوة من هذا التصعيد والتراشق الاعلامي، وان مصالح البلد والمواطن ستستمر بالتضرر بسبب هذا الاوضاع التي تعتبر شاذة بكل المقاييس, فتعطيل حياة المواطنين والاضرار بمصالحهم امر لاترتضيه شريعة ارضية ولا سماوية, الا ان يرى هولاء ان رؤيتهم تتعدى كل المقاييس العقلائية ولا حلّ "وهذه رؤية المرجعية طبعا ومن سار مستنيرا بنهجها" إلا بان تقدِّم كل جهة مصالح الوطن ومواطنيها على المصالح الحزبية والفئوية والجهوية الضيقة.
ان الاستمرار بهذا النهج واثارة الازمات بهذه الطريقة ستكون لها انعكاسات خطيرة حتما على مجمل الملفات الاقتصادية والاجتماعية والامنية, فمع اتساع دائرة الشد الطائفي في المنطقة والتي تغذيها اطراف اقليمية معروفة, نجد ان تداعياتها وصلت الى بلادنا بفعل فاعل طبعا وبتوقيت مقصود مما يستدعي تظافر الجهود والعمل على وقف واطفاء نيران الفتنة الطائفية التي يراد لها احراق المنطقة باسرها وجر اطراف اخرى اليها, حيث يتعرض زائرون العتبات المقدسة, القادمون من سوريا ولبنان وبلدان اخرى إلى عمليات التفجير والاستهداف والتي ذهب ويذهب ضحيتها عدد كبير من هؤلاء الزائرين بين حين واخر, ففي الوقت الذي تثمّن فيه جهود منتسبي الأجهزة الأمنية في الانبار وسلطتها المحلية, رغم قلة الامكانيات المتوفرة في رقعة جغرافية كبيرة جدا تتجاوز مئات الكيلومترات محاولين حماية الزائرين، وانقاذ بعض الجرحى بعد تعرضهم للاستهداف مع ذلك, فبالنظر إلى النتائج المترتبة على هذه التفجيرات من مواقف داخلية وخارجية قد تنعكس سلبا على وضع العراق ونظرة الدول اليه فضلا عن مسؤولية الدولة العراقية في حماية الوافدين اليها.
من هنا على وزارة الداخلية وعموم الأجهزة الأمنية في الانبار ان تكثف جهودها وتكشف عن كيفية حصول هذه التفجيرات ومن هو المسؤول عنها افرادا وجماعات ومعالجتها سريعا لكي يستمر هذا التواصل بدل ان يصدر من طرق هذه المحافظة الموت المجاني حيث سيدفع كل الساكتين عن اراقة هذه الدماء الثمن شاءوا أم أبو, وعند ذاك لن يهنأ كل من خطط واراد وافتعل هذه الازمات ولن يجني غير الخسران والخيبة.