لاشك ان العمليّة السياسيّة في البلاد اليوم تمر بمنزلقات وأنفاق ضيقة بمكان يصعب ان يرى في نهايتها بصيص نور، ومن الطبيعي جدا أنّ لا تخلو هذه المنزلقات الخطيرة من جهات تمثل جانب الأزمة وجهات أخرى وقفت في خانة الحل والتفاهم، ورغم ان الشارع العراقي بات لا يميز بين هذين الاتجاهين ولا يستطيع ان يرى الحقيقة كاملة نتيجة التضليل الإعلامي الذي تمارسه وسائل الإعلام المؤدلجة لصالح جهة معينة او ضد جهة اخرى، إلا ان بعض الجهات وبعد ان تجاوزت الأزمة فترة المخاوف ودخلت في فترة الخطر الحقيقي أصبح موقفها واضحاً ولا يحتاج الى تفسير أو تأويل فهي من مكونات الأزمة الرئيسية ومن أساسياتها وعليه لابد من ان نعترف بان الحلول لا يمكن ان تصدر عنها او تتمخض عن قراراتها إلا استثناء، لذا فمن الأجدى ان نبحث عن الجهات التي تعد دائما من مكونات الحل والتي دأبت على تذليل سقف المطاليب بغية الدفع باتجاه إنهاء الأزمة ووضع العملية السياسية في الطريق الصحيح الذي يضمن للجميع حقوقهم، ان التعريف بالمعرف صعب جداً وكما يقال ان توضيح الواضحات من أشكل المشكلات، لذا فان من الغريب جداً أنّ نقف في وسط الأزمة متحيرين ونحن نرى بوضوح ان هناك أطرافاً لا تريد لهذه الأزمة ان تحل بل تتمنى ان تتفاقم أكثر لتضمن بذلك مصالح اكبر وتستحصل على منافع أكثر، في الوقت الذي نرى فيه أطرافاً أخرى عكفت ومنذ بداية الازمة على السعي من اجل إطفاء هذه النار التي قد تتطور فتصبح حريقا سياسياً يشعل البلد ويضرم النار بأخضره ويابسه لا سمح الله، وعندها لا تمتاز ميمنته عن ميسرته ويصبح من الصعب بل من غير المجدي نثر ماء الحوار والتفاهم والمصالحة على نيران الفتنة. يعرف الجميع ان المجلس الأعلى كان ومنذ بداية الأزمة كان حمامة السلام وسفير النوايا الحسنة بين كافة المكونات فقد تواصلت مساعيه ليكون الطرف الذي يمثل الحل واجتمع بكل الأطراف حتى التي تمثل الازمة وحاول ان يكون المضحي الاول والمستفيد الأخير من اجل إعادة العملية السياسيّة على سكة السلامة، وبذلك أكد ان الحل والأزمة ضدان قد يجتمعان إذا ما كان ذلك في مصلحة الأمة.