قادت الازمة لتمزقات متزايدة، فهي لم تزعزع الثقة بالاشخاص او بالقوى فقط بل بالنظام بمجمله، وساهمت –خلاف المظاهر- باشعار كل طرف –او محيطه- كم هو ضعيف بدون الاخرين. فتراكض الجميع يطلب نصرة خصوم الامس، او الصوت الاحاد ليس الا.. وهو ما قد يزرع –ولو تدريجياً- سلوكيات العقلنة، وتطويق الغرور، ونزع الاحساس الكاذب بالقوة المتفردة.. مما قد يساعد –على المدى الطويل- بايجاد مخارج اكثر جدوى وقناعة، ليس بالنسبة للقوى فقط، بل للمواطنين المتعطشين لتحسين الخدمات.. وتحقيق الامن والاستقرار.. ومحاربة الفساد.. وبناء دولة المواطن والدستور، لا دولة المسؤولين والاحزاب.. والتفسيرات والقرارات الاعتباطية.
اما الوضع الراهن، ورغم التصريحات المغايرة، لكن "التحالف الوطني" منقسم.. وكذلك "الكردستاني" و"العراقية".. فنحن امام طريقين لا مخارج لهما.. ازدياد الانقسامات، بين "البارت" و"الاتحاد"، و"دولة القانون" و"الاحرار"، واطراف "العراقية".. او المضي في بناء تحالفات جديدة، اي محورين كبيرين –بالقليل- في كل منهما التلاوين المختلفة. وهذا تقدم كبير يخرجنا من الاصطفافات الطائفية والقومية.. ولكن هذا استنتاج متفائل ومبكر.. فسيصعب مع المعطيات الراهنة على بقية "التحالف" الذهاب مع "دولة القانون" بدون "الاحرار".. وعلى الاخيرين الذهاب بعيداً مع قوى اربيل، دون مساندة اغلبية قوى "التحالف".. والامر لا يختلف بالنسبة للاخرين.
سينعقد البرلمان قريباً.. والبعض يعمل لسحب الثقة، وهذا حقه.. ويعارض اخرون وهذا حقهم ايضاً. احدى الحلول (الصعبة) دعوة ٩-١٠ من قيادات الازمة وحلولها، او لممثليهم (عند تعذر الحضور) مع تخويل كامل.. والافضل عقده في العاصمة.. لكن اية محافظة ستفي بالغرض، مع جدول اعمال بنقطة واحدة.. هل حكومة الشراكة ممكنة وضرورة؟ عند الايجاب.. فهل الدستور والاتفاقات بموجبه هو العقد والخارطة كما يعلن الجميع؟ عند الايجاب، فما هي ضمانات الالتزام، والسقوف الزمنية المتفق عليها؟ اما اذا اختلف حول الحكومة وما يتبعها، عندها فقد تطول الازمة، او يحسم البرلمان نزع الثقة او تأكيدها.. او الانتخابات التي تجري –دستورياً- في مدة اقصاها ٦٠ يوماً، بموافقة مجلس النواب على الحل بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه بناء على طلب من ثلث اعضائه، او بطلب من رئيس مجلس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية، واعتبار الحكومة مستقيلة ولتصريف الاعمال. فالدستور ان لم يحكمنا، بل تحكمه مصالحنا، فلنحترم انفسنا. فالصمت –امام العناد- افضل من تزكية المغامرات والمجهول.