ومع استمرار الازمة السياسية وعدم ظهور بوادر حقيقية من قبل المتخاصمين للوصول الى النهايات التي يسعى كل طرف اليها يبقى المواطن العراقي هو الخاسر الاول والاخير في معركة كسر العظم التي يتخندق فيها الفرقاء السياسيين ضد بعضهم البعض, لان معركة الفرقاء ليس من اجل الاسراع بتقديم الخدمات اليومية او تحسينها او توفير الطاقة الكهربائية او الماء الصالح للشرب او تحسين الوضع الصحي او القضاء على البطالة او زيادة المساحات الخضراء اوالقضاء على التصحر او بناء برج المالكي على غرار بناء برج خليفة, بالنتيجة هي معركة مصالح ومعركة حسابات شخصية غابت فيها رؤية المنطق وتخلى عنها صوت الحق ومخافة الله ورهبة وسطوة الشعب الهادرة.
وفي مثل هذه الحالات وكما هو معمول به في معظم دول العالم يبقى موقف مجلس النواب هو الاقوى والأشد تاثيرا لانهاء الازمات وتشريع القوانين والضغط على المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لوقف تداعيات اعمالها التي تضر بمصلحة الشعب, لكن الوضع في العراق مختلف كليا عن الوضع الطبيعي وعن حسابات المنطق فاعضاء مجلس النواب ليسوا ممثلين لابناء الشعب العراقي بل هم ممثلين للكتل السياسية والاحزاب التي ينتمون اليها وان مواقفهم انعكاس لمواقف هذه الكتل.
ويبدوا ان مجلس النواب في طريقه لان يغلق ابوابه حتى يتفرغ النواب لبدأ معركة الدفاع المقدس عن حقوق قادة الكتل وامتيازاتهم رغم انهم لم يغيبوا عنها في الايام السابقة لكن الاعلان عن تاجيل جلسات باكورة الفصل التشريعي الجديد فأل سيء للحالمين والمتفائلين.
اعتقد ان صراع الارادات والمصالح سيتجه في الايام القليلة المقبلة الى مجلس الوزراء لان من يتواجد فيه ليسوا اناسا من كوكب شفاف ومحترم بل هم نتاج الكتل السياسية المتخاصمة وبالتالي فان التلويح بفتح الملفات على خلفية التهديد باستجواب المالكي ستكون الشرارة التي ستشعل نيران الصراع في جميع مؤسسات الدولة.في وقت يتحدثون فيه عن الانجازات الأمنية هذه الأكذوبة الكبيرة التي يطلقها البعض وعلى أعلى المستويات تبرز حالة الإستهدافات الأمنية المتكررة وفي أكثر من محافظة وبالتزامن مستهدفة الحياة، وأي حياة يعيشها المواطن العراقي البسيط ورجل الأمن الأعزل إلاّ من حبه واندفاعه للدفاع عن إخوانه وأبنائه وأبناء مجتمعه الذي يقف متسمرا في شوارع محافظاتنا يتهدده ويستهدفه الإرهاب تارة وسطوة بعض رجال الدولة الأقوياء كلما حاول ان يمنع استهتار سائقي سيارات مواكبهم الفخمة وحماياتهم التي ضربت كل شيء عرض الجدار وغير ذلك من تهديداتهم السمجة وبذاءة ألسنتهم وضمائرهم الرديئة، وهذه حالات شائعة في عراقنا الجديد تذكرنا بسطوة واستهتار "ويلاد العوجة" والمنتمين للمنظومات الأمنية الخاصة للنظام السابق حين كانوا يمرون في السيطرات والشوارع ويكيلون السباب وحتى الضربات للمساكين البسطاء من منتسبي الجيش والشرطة ( و يا ويله ويا سواد ليله اذا حظه العاثر جابه بطريقهم ) ممارسات اليوم اقل ما يقال عنها انها حالة شرعنة خرق القانون والسماح (لشلل) المتنفذين من ممارسة ادوار قذرة وبالتواطؤ مع المجاميع الارهابية في قتل الابرياء عبر مساعدة هذه المجاميع على اختراق السيطرات الأمنية وايصال المفخخات الى اماكن حساسة لتنفذ جريمتها بسهولة ويسر في بغداد ومحافظات اخرى ككركوك والرمادي والحلة والكوت وكربلاء وغيرها، عدا السماوة التي قيل انها تعرضت لتفجير سيارة مفخخة والامر غير ذلك كون حادثة الاعتداء على سيارة للشرطة لم تكن عملا إرهابياً حسب شهادة بعض ابناء المحافظة المطلعين على تفاصيل الحادثة المهم ان الاعتداءات وتوقيتاتها تؤكد وهذا ليس سرا او أمراً جديدا يحاول بعض الأفذاذ من قادة الاجهزة الامنية كشفه ان هناك عملاً منظماً يفوق تنظيم قوات الأمن العراقية بكلّ إمكاناتها وهو يعكس مدى ضعف الجانب الإستخباري وتغلغل بعض أعوان الإرهاب في مفاصل أجهزة الأمن بشكل خاص والدّولة العراقية بشكل اعم والذي يدفع ضريبة هذا الضعف حتماً هو المواطن البسيط، سيما المتوجهين سيراً على الأقدام لزيارة مرقد الأماميين الكاظمين عليها السلام في ذكرى شهادة الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، والتي توافق الخامس والعشرين من شهر رجب الاصب والتي يفصلنا عنها أيام قليلة جداً كما تم قبل ذلك بأيام قلائل استهداف مدينة الكاظمية بقصف قذائف الهاون مما أسفر عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى، وكأن فشل عملية سحب الثقة التي نسمع عنها وحملات التسقيط تريد إيصال الأمر في النهاية إلى مرحلة من الفوضى ختامها حرب طائفية ونزول إلى الشارع وقد تكون هذه الهجمات التي يتهم فيها تنظيم القاعدة وفلول البعث البائد على الدوام تريد ان تستغل الأوضاع الحالية والتي سمتها تكريس الانقسام وعدم الاتفاق والفوضى العارمة وحروب الكلمات والخطب والتصريحات لتعبث جماعات الإرهاب والتي هي غير بعيدة عن بعض الجهات السياسية فهي دائما ما تستوحي توقيتات عملياتها من تصريحات ومواقف بعض الساسة والمحسوبين على العملية السياسية، وفي النهاية نطرح السؤال ذاته ونكرر نفس الأقوال من المستفيد الأكبر ومن هو المتضرر الأكبر ومن يريد ببلدنا وأبنائنا السوء ولماذا ومتى تنتهي كل هذه الصفحات الدموية وبأي اتجاه يسير من يقف ورائها وما هو المطلوب من الحكومة وكيف لها ان تحمي المواطنين الأبرياء من شر هذه العمليات إنها أسئلة وأسئلة قد نعرف إجابات بعض منها، لكنّ من يجيب عن السؤال الأبرز هل يريدون منا ان نتجه لحماية أنفسنا بأيدينا وإمكاناتنا كمواطنين مع استشراء عمليات القتل المجاني ولامبالاة الحكومة بأوضاع المواطنين ام ان هناك حلولا منتظرة يمكنها ان توفر الامن للعراقيين نسميها منجزاً امنياً حقيقياً لا شعارات وادعاءات.