الأدب في العصر الإسلامي (صدر الإسلام)
ويبرز في تأريخ الأدب بالنسبة لهذا العصر أمرين أساسين جديدين :
١ ـ القرآن الكريم :
كان من أهمّ عوامل تعزيز وتوحيد اللغة والتي أدّت إلى حفظ اللغة العربية حيّةً وهو الكتاب الوحيد المصون و المحفوظ من التحريف والخالد لجميع العصور البشرية قال تعالى :
(( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنس وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض ظَهِيراً )) .
كما عمق القرآن الكريم علوماً وفنوناً شتّى في العربية منها اللغة والنحو والصرف والقصّة والعَروض... وغيرها.
٢ ـ الحديث الشريف:
ويشمل حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأقوال الأئمّة ( عليهم السلام ) وهي كالأتي :
أ ـ حديث رسول الله (ص):
المصدر الثاني من مصادر معرفة الشريعة الإسلامية قال تعالى:
(( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ))
وكلام محمد ( ص ) ذو بلاغة رفيعة وروعة بيان كما كان أثره عميق في اللغة والأدب إذ وسّع المادة اللغوية بإدخال ألفاظ وتعبيرات جديدة وكان ( ص ) أفصح الناس لساناً وأرجحهم عقلاً وأصحّهم فهماً ومن نماذج أحاديثه (ص):
١ـ «أدَّبَنِي رَبِّي فَأَحْسَنَ تَأْدِيبِي»
٢ـ «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النّاسُ مِنْ يَدِهِ وَلِسانِهِ»
٣ـ «إنّما بُعثت لاُِتمّم مكارمَ الأخلاق»
ب ـ أقوال أمير المؤمنين (عليه السلام) وباقي الائمة (ع):
كان علي (ع) أفصح الناس بعد النبي ( ص ) في البيان فهو إمامُ الفصاحة وسيِّد البلغاء بعد سيّد الأنبياء (عليه السلام) والذي يطّلع على نهج البلاغة يلاحظ انه كما قال العلماء \"دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق\" ومن نماذجه عهده (عليه السلام) لمالك الأشتر ووصفه للمتقين أو للطاووس ومن أقواله (ع):
١ ـ «إِلهي مَا عَبَدتُكَ خَوْفاً مِنْ نارِكَ، وَلاَ طَمَعاً فِي جَنَّتِكَ، لكن وَجَدتُكَ أَهْلاً لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدتُكَ»
٢ ـ «هَلَكَ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال وَمُبْغِضٌ قَال»
٣ـ «قِيمَةُ كُلِّ امْرِىء مَا يُحْسِنُهُ»
********************
الادب في هذا العصر
تطور الأدب العربي بعد البعثة النبوية الشريفة بشكل كبير فقد جاء الإسلام وغيّر الحياة الجاهلية وأخرج العرب من الظلمات إلى النور، وأثر في حياتهم تأثيراً كبيراً، ورسم لهم طريقاً جديداً، فكثير من الأدباء من انتفع بذلك المنهج الإلهي فسار على نهجه كحسان، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك.
ومن الأدباء من لم ينتفع بما نهجه الإسلام وإنما رجع إِلى تقليد الجاهليين والسير على نهجهم .
وقد تغير هيكل القصيدة ووحدتها، فكانت تتميز بالفواتح الإسلامية للقصائد تمثلت في تسبيح الله، والدعاء، والترحم على الشهداء، والحكم الإسلامية ، وذم الخمر، والتوبة، وحمد الله وشكره، فمثلا اتجهت معاني الغزل إلى الأوصاف الشخصية للمرأة بعيداً عن الإثارة والمفاتن الجسدية، من حيث أنها ملتزمة جانب العفاف وجمال الخلق والسيرة .
فمثلا جاء شعر الرثاء بمعاني الصبر، واحتساب الثواب في الآخرة، وتأكيد نعيم الجنة والخلود، وإبراز دور الشهيد في الدنيا الآخرة وضرب الحكم والأمثال .
********************
اهم الاغراض الشعرية بعصر صدر الاسلام:
١- المدح: حيث الإشادة بالإسلام ونبيه العظيم وبيان محاسنه وفضائله ومن أجمل ما قيل في مدح الرسول (ص) قصيدة (بانت سعاد) التي ألقاها كعب بن زهير بين يدي الرسول ومن أبيات تلك القصيدة قوله:
إنَّ الرَّسُولَ لنورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ من سيوفِ الله مَسْلُولُ
٢- الهجاء: حيث وضف الشعراء الشعر لهجاء أعداء العقيدة وبيان مثالبهم ومن ذلك قول عبد الله بن رواحه في ذم قريش لكفرها:
خلوا بني الكفار عن سبيله خلوا فكل الخير من رسوله
٣- الحماسة: حيث يشجع المقاتلين من المسلمين على القتال ويعتز بانتصار المسلمين على الأعداء، ومن الشعراء الذين برعوا بذلك كعب بن مالك؛ فله أشعار حماسية في كثير من غزوات الرسول ومنه قوله بمعركة احد:
فَرَاحُوا سِرَاعاً مُوجِفِيَن كَأَنَّهُمْ جَهَامٌ هَرَاقَتْ مَاءهُ الرِّيح مُقْلعُ
ورُحْنَا وأُخْرَانَا تَطَـانَا كـَأنّنَا أُسُودٌ عَلَى لَحْمٍ بِبِيشَةَ ظُلـَّعُ
٤- رثاء الذين يفقدون من الأحبة والأبطال ومن يستشهد في الحروب وبيان مدحهم والثناء عليهم ونجد الرثاء أصبح لمن يستحقه بالفضل وعلو الشان ومن ذلك رثاء الإمام علي للنبي والزهراء (ص):
ان افتقادي فاطم بعد احمد دليل على ان لا يدوم خليل