فانهارت قدرات العراق وبنيته وأمنه، وخضع لاحكام الفصل السابع والعقوبات والحصار، ودفع الديون والتعويضات الهائلة، وصولاً للاحتلال.. فكما ولدت حرب الكويت من رحم الحرب مع ايران.. ولدت الحرب الثالثة (٢٠٠٣) من رحم الثانية..الخ. فهل تعلمنا الدرس؟ ام ما زلنا نفكر بالسنتنا، وليس بعقولنا.. وان غرور السلطة اليوم، قد لا يدوم غداً.
• حتى ٢/٨/١٩٩٠ لم تطرح الكويت كقضية في ادبيات ومطالب الشعب والقوى السياسية.. كجماعات العلماء، والحزب الاسلامي، والمجلس الاعلى، والدعوة، والشيوعي، والوطني الديمقراطي، والاستقلال، والديمقراطي الكردستاني، والبعث، والقوميون العرب، الخ. كان الحكام يطرحونها كمهرب من ازماتهم.. فطرحها الملك غازي وقاسم، كل في وقته.. واخيراً صدام المأزوم بعقل مجنون، وجيش مليوني، واقتصاد مخرب، وهي حصيلة حربه مع ايران.
• ان الخرائط التاريخية والمعادلات الاقليمية قضايا جدية، لا يعبث بها، حسب الاهواء والتخيلات الوهمية، وفوق الثوابت والمتغيرات الحقيقية. وان الخلافات والمشاكل لا تحلها التهديدات والمؤامرات والحروب، ومن اي طرف جاءت.. بل تحلها المفاوضات، وبناء الثقة، وتفعيل المشتركات العليا، والسعي لتثبيت مصالح وحقوق مختلف الاطراف. وان استمرار البعض في اثارة الراي العام بنفس الثقافة الماضية، هو موقف غطاؤه الغلو الوطني، ومآلاته تدمير الوطن وابنائه وامنه ومستقبله وعلاقاته.
• ان نتيجة الاستبداد ليست العدوان الداخلي فقط، بل الخارجي ايضاً.. وان تحريك الجيوش والتهديد باستخدام القوة -خارج حدودها- سينزلق بالضرورة -ومهما كان الحماس والتبجيل الذي يبتدأ به- نحو طريق الدمار والهزيمة، الذي لا رجعة فيه. لذلك يناط قراره عادة بمؤسسات كاملة، وليس بفرد مأزوم يتلاعب بمقدرات العباد والبلاد. فصدام -متفرداً- اتخذ قرار تحريك القوات، واطلع عليه نفر من ازلامه، وصفق له عرب وعراقيون، لكن من دفع، ويدفع الثمن، هو الشعب والبلاد والامة.
فالديمقراطية وتعزيزها ليست نظاماً لاختيار الحكومة ومراقبتها فقط.. بل تعني ايضاً، حكم المؤسسات التي تمنع المغامرين من جرنا لحروب ستلد بالضرورة اخرى. فشدد عليها الدستور، وجعل اعلان حالة الحرب والطوارىء، مسؤولية مجلس النواب المنتخب، بطلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. فالدرس سُجل.. فهل تعلمناه؟