وسيكون العراق بوضعه الحالي في قلب الحدث والصراع ولن تشفع له ديمقراطيته الفتية وحكومة الشراكة الوطنية للعبور من مرحلة الخطر المحدق بل ستكون هذه المسميات هي الجسر الذي اوصل الطائفيين والبعثيين الى مرادهم بعد ان ضحكوا طوال السنوات الماضية التي اعقبت سقوط نظام صدام عام ٢٠٠٣ على المغفلين الشيعة ممن هم في سدة الحكم اليوم بمصطلحات الوطنية والعراقية واستدرجوهم الى حافة الهاوية وزرعوا بينهم الشقاق والنفاق والعداوة والبغضاء فكان لهم ما ارادوا.
وللوقوف على طبيعة المرحلة الحالية ومخاوف المرحلة المقبلة يعتقد البعض ان تشكيل الاقاليم كان سيكون هو الحل الافضل للوقوف بوجه الاخطار والحروب التي يقرع طبولها جيش العراق الحر ومجرمي القاعدة الارهابي وايتام البعث الصدامي ومن وراءه السعودية وقطر وتركيا، لان تشكيل الاقاليم كان سيمنح ابناء هذه المناطق اعمار مناطقهم ويمنحهم القدرة على بناء المنظومة الدفاعية الحصينة القادرة على الوقوف بوجه كل المخاطر الخارجية خاصة وان الجبهة الداخلية ستكون محصنة ويصعب اختراقها ومثال ذلك اقليم كردستان وهو يقف بوجه الحكومة المركزية فهل تصعب عليه مهمة الوقوف بوجه العصابات الارهابية لما لديه من جيش وسلاح وتنظيم ومتانة في الوضع الداخلي.
ويبدوا ان رفض البعض لتشكيل الاقاليم رغم انه حق دستوري كفله القانون ينطلق من منهجين في الرفض، المنهج الاول, يقوده الطرف العربي السني الذي كان يعتقد ان تشكيل الاقاليم سيؤدي عاجلا او اجلا الى تشكيل اقليم الوسط والجنوب الغني بكل شيء وبالتالي فان هذا الاقليم سيكون قوة اقتصادية وامنية يصعب اختراقها او اذلالها لذا ركز في رفضه على نغمة العراق الواحد والتبعية والتقسيم وغيرها من المصطلحات البالية التي وجدت صدا لها في الوسط الشيعي الساذج الذي انطلت عليه الكذبة وركب موجتها, اما المنهج الثاني في الرفض فيقوده سياسي الصدفة المغرر بهم من الشيعة وبواعث رفضهم ترتكز على سوء تصرف وانعدام الرؤية الصائبة والخوف على المصالح الحزبية والشخصية في وقت اشاع الطرف الاول ان تشكيل الاقاليم يهدف الى سيطرة جهة سياسية معينة وانفرادها بنفط الجنوب وبيعها العراق الى ايران الصفوية المعتدية مما عزز بواعث الخوف والقلق عند هؤلاء الاطراف بكل هذه البساطة.
ان وضع المنطقة يسير الى التفتيت والتقسيم مهما طال الزمن ومهما كثر القتل والمكابرة ومحاولة التمسك بالاهداب لان الشرق الاوسط الجديد قد تم الانتهاء منه من قبل امريكا والخليج وتركيا واسرائيل ولم تبقى الا سوريا وما هي الا ايام وينتهي كل شيء، ولم تكن خطة بايدن عبثية عندما قسم العراق الى ثلاثة محاور وكان على السياسيين فهمها لانها الحل السريع والافضل والاقل خسائر لجميع الاطراف بل ان الخسائر قد تكون لاشيء مقابل ما يخبئه الزمن ودول الخليج والقدر للعراق والعراقيين في قادم الايام وفي النهاية سيكون العراق ثلاث محاور لكن بعد ان يكون قد دفع الثمن غاليا.