فقد افتقدت هذه التصريحات مصداقيتها بعد يوم واحد من صدروها, فالخروقات الأمنية والاستهداف المتعدد للمدن العراقية, والتفجيرات التي حصلت في مدن واسط وكركوك وتلعفر وبعقوبة والمقدادية ومناطق عدة من العاصمة بغداد كالزعفرانية ومدينة الصدر والتاجي والمشاهدة والحسينية, والتي راح ضحيتها العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى, هذا غير الخسائر المادية التي تعرضت لها الأموال والمحال التجارية, دليل واضح على عدم مصداقية هذا التصريح, ودليل على فقدان الحرفية والمهنية في عملية التصريح الأمني.
فالذي نفهمه أن التصريح الأمني هو بمثابة خطاب أمني تخصصي من المؤسسة الأمنية, وليس هو خطاب ارتجالي صحفي أو حديث عابر للتباهي ولاستعراض بعض فنون الكلام.
فالتصريح الأمني فن يعتمد على آليات ومهارات خاصة, وعلى خلفية ثقافية عامة وشاملة, وقدرة وبراعة في انتقاء الكلمات, وفطنة وذكاء ممن يصوغ هذا الخطاب ويظهره على الملأ, وقبل ذلك يجب أن يعرض على متخصصين في الشأن الأمني ومن لديهم القدرة على التحليل السياسي والأمني, لاحتمال ان يكون هذا التصريح مشتملاً على مفردات قد تستفيد منها المجاميع الارهابية أو قد تتسبب هذه المفردات في استفزاز العدو مما يؤدي إلى ردود فعل معاكسة وعمليات انتقامية, خصوصاً في ظرف كظرف العراق السياسي والأمني.
وهذا ما حصل فعلاً بسبب هذا التصريح اللامسؤول والبعيد كل البعد عن المهنية والتخصص والحرفية في فن صياغة الخطاب الأمني.
فقد كان لهذا التصريح آثاره السلبية, حيث استفز الجماعات المسلحة الإرهابية, وأخرجها من مكامنها, فاستهدفت المدن والأبرياء في عمليات تحدي وانتقام لاثبات وجودها ولإعلان بطلان كلام السيد الناطق باسم عمليات بغداد, وقد ذهب ضحية ذلك العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى والمئات من العوائل التي نكبت بأعزائها وبأموالها.
والسبب هو التهاون, وعدم المبالاة بالمهنية والحرفية والتخصص في مجالات العمل.ولنسأل السيد ضياء الوكيل, كيف قضى على المجاميع الإرهابية وعلى تنظيم القاعدة وهي التي بدأت باستهداف المؤسسات الأمنية في عرينها وعقر دارها, فعملية اقتحام مديرية الجرائم الكبرى ومكافحة الإرهاب قبل أيام قلائل أثبتت تنامي قدرة هذه الجماعات الإرهابية, وأثبتت وبوضوح ضعف الجهد الاستخباري لدى المؤسسة الأمنية العراقية, وأثبتت عدم قدرة المؤسسة الأمنية على استباق الأحداث, وعلى عدم وجود التدريب والتخطيط لإدارة الأزمات.
محمد كاظم الموسوي ـ بغداد