قبل أيام وجّه مجلس الوزراء بعدم الحاجة لتشريع قانون بشأن استيراد لعب الأطفال، معتبراً إن هذه القضية يمكن تنظيمها عن طريق وزارة الداخلية لتنفيذ ضوابط وضعتها لجنة برئاسة الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية. والخبر يشير من صياغته إلى عدم اكتراث فعلي بالموضوع، خاصة والحديث كان يدور في الأروقة المعنية عن ضرورة وضع قانون لفرض ضوابط حاسمة ودقيقة وأساسية، يكون فيها التنصيص القانوني مرجعاً وثيقاً لا يقبل أي تأويل يمكن أن يكون من خلال ما يوضع من توصيات عابرة لا تحمل شرطيّة وحزم قانون يحظر شراء بعض أنواع من لعب الأطفال يمكن أن تكون مصدراً للعنف، أو تترك آثاراً نفسية على الطفل.
ولعلّ في قرار مجلس الوزراء القاضي بتبسيط القضية إلى ما دون القانون، يدفع بالسؤال عن أهمية النظر إلى الموضوع الأساس كمشكلة تستحق التوقف لديها، بعد أن تداولتها مجالس أكثر من محافظة في نقاشات وجدل ومطالبات توجهت بها إلى الحكومة لرسم صياغة قانونية مستحكمة لاستيراد هذه الألعاب، وبعد أن ناشدت منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الطفل الجهات الحكومية بمنع استيراد لعب ترسّخ لثقافة العنف في مجتمع أصبح لا يخلو بيت فيه من سلاح حقيقي محفوظ لتسلية خواطر الكبار بطمأنينة واهية!، ولعب أسلحة تتبادلها أيدي الأطفال بنشوة مسمومة.
بعض المحافظات اتخذت قراراتها الداخلية بمنع استيراد هذه الألعاب، وصادرت شحنات منها، وأودعت المتاجرين بها السجن، وهذه القضية ترسم واقع مشكلة اقتصادية جديدة ربما يكون فيها الطرف المتاجر ضحية بقدر تعلق الموضوع بشروط التعاملات التجارية أو أحقية المراقبة، ولعلّ أي تاجر ضحية من هؤلاء يستطيع كسب القضية، بدعوى عدم وجود قانون مركزي في الدولة ينظم هذه التعاملات.
قضية لعب الأطفال التي ربما يسخر البعض من استذكارها بحثاً عن الحلّ، يمكن أن تكون قضية رأي عام، لشارع تتحول الأعياد والأفراح فيه إلى مناسبة استعراض لعنف يوقع ضحايا فعليين بحكم ما تنطوي عليه تلك الألعاب المزودة بمقذوفات أو أشياء حادة من مخاطر، ناهيك عن صورة مريرة ومأساوية لديمومة الشعور بالعسكرة والعنف. وإذا كان كل هذا لا يستأهل قانوناً أو يتطلّب لحظة للإنذار، فعلينا أن نراجع بجدّ ما لدينا من قوانين وتنصيص دستوري يتحدث عن شروط الدولة وأساساتها.