اصبح الحوار الوطني حوار قدرياً تسوقه اقدار السياسة المتداخلة والمرتبطة بالارادات والامزجة الخارجية والداخلية ليخضع لحسابات الارقام وترجمة لتلك الارادات التي تحولت الى افعال وخطابات من المنابر الاعلامية التي تفتقر الى البعد الوطني والمنطقي والفني والادبي والثقافي بعد ان اصبح العراق يعيش تحت قدر السياسين المتبارين على وسائل الاعلام ليطلقوا اي عبارات تخطر ببالهم سواء كانت مترابطة او لا حتى اصبح جلوسهم فيها اكثر من مزاولتهم لمهنتهم التي نراهم نائمين وكما ترصدهم كاميرات التلفاز وكأن الأمر لا يعنيهم فتحولوا واحدهم الى محلل سياسي واقتصادي وثقافي وستراتيجي واديباً ومرة اخرى يتحدث عن سيرته الذاتية وما يحب او يكره وكأنه المثل الاعلى والطفرة الوراثية في تاريخ الفكر والتضحية والوطنية والتفاني وانه ( بطل التحرير والقائد المغوار ... الخ ) من النعوت وانه ( كامل المواصفات )ليخلق لنفسه زعامات وهمية , فتصديهم للخطاب ليس لعدم وجود المثقف والاديب والسياسي والمفكر والشاعر وانما هي سيطرة على كل مفاصل الحياة وهذا اصبح البديل عن المهام والاستماع لمتطلبات المواطنين وتفقد السلطات التنفيذية والاداء بل كأنهم معلمين يلقون الدروس المجانية وليتهم يفقهون تلك الدروس التي عليهم تعليم انفسهم قبل الاخرين لينعكس ذلك على الرأي العام المجتمعي والواقع الخدمي والامني بل ان الخطاب الغير مدروس اصبح يثر روح الكراهية والحقد والتصريحات يكذب بعضها الاخر لتدخل العملية السياسية حالة من التشرذم والتشتت وتتسع الهوة لجلوسهم لوسائل الاعلام اكثر من جلوسهم لطاولات الحوار والحلول بدل لغة التناحر والعدائية والنفاق وكل مرة تدور التصريحات حول التقارب في الافكار وان الحوار قاب قوسين سرعان ما تتبدد تلك الامال حتى افرغ ذلك المؤتمر والحوار الوطني من محتواه وما متعارف ان اي اجتماع لا يحتاج سوى الى رسالبة للتبليغ لوجود الانطلاقات الموحدة والهدف الواحد وعدم وجود تصلب في المواقف وان التنافس شريف ولا اشتراطات مسبقة حتى تميعت دعوات الحوار واصبحت مصدر سخرية المواطن الذي اصبح ينظر للساسة بعدم التحضر والتعنت والعناد وتحويلهم لجلسات البرلمان والوزراء والمؤتمرات الى جلسات نفعية ضيقة الافاق بل ان منهم من يضع العراقيل لاي حوار خوفاً من تكشف اوراقه وكما اقتربنا من الهدوء جاء ليشعل الفتيل بالتصريحات وافتعال الازمات والسير نحو التعقيد حتى وصل الحال ليتحول الحوار من مسألة اعتيادية وطبيعية الى معضلة تضاف الى معضلات العراق والاخطار التي تحيط به من كل حدب وصوب بعد ان تفجرت براكين الصرعات والمصالح العالمية والاقليمية ولم يتفجر لدى البعض بركان الوطنية كي تتلاشى المصالح الخاصة ويصبح الحوار هو الحل وان صوت الاجماع فرضته الشرائع والقوانين وهذا لا يتم الا من خلال الجلوس على طاولة الحوار التي اصبحت ضرورة ملحة بدل الركون الى منابر الاعلام والتهديدات او الحوارات والاتفاقيات الجانبية ..