حادثة وزير التجارة فلاح السوداني واتهامه بسرقة المال العام وعملية هروبه من العراق وإعادة الطائرة التي تقله واعتقاله في مطار بغداد وما انجلت الغبرة عن هذه الحادثة إلا عن خروج السوداني بكفالة خمسين مليون دينار وتبخر الموضوع وأصبح في طي النسيان .. وبالمقابل حادثة مصرف الزوية , حيث عمدت مجموعة مجرمة إلى سرقة مصرف الزوية بالكرادة وقد اشترك بالجريمة احد حاميات نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي وبعد إن كشفت جهات استخبارية في جهاز نائب رئيس الجمهورية إن المجرمين اخفوا الأموال في مقر الجريدة , بادر بنفسه إلى إخبار رئيس الوزراء والقي القبض على المجرمين وأعيدت الأموال إلى المصرف , وماذا حصل بعد ذلك ؟؟ إلى اليوم هناك مجموعة ليست بقليلة من السذج يطلقون تسمية بذيئة على السيد عادل عبد المهدي ( عادل زوية ) وهنا يبرز دور أعلام الطابور الخامس حيث حول حادثة سرقة المال العام التي قام بها وزير التجارة الهارب فلاح السوداني إلى قصة عادية ذهبت مع رياح قصص كثيرة من هذا النوع .. وبنفس الوقت أصبح الموقف الوطني والشرعي الذي قام به الدكتور عادل عبد المهدي موقف معاكس حيث نسبت إليه تهم مختلفة لم ينزل الله بها من سلطان .. والسبب قلة الوعي السياسي وقدرة الإعلام المغرض على إن يلعب دوراً كبيراً في تظليل الرأي العام .
والحادثة الأخرى تتعلق بالدكتور عادل عبد المهدي نفسه ,حيث أقدم على التخلي عن منصب نائب رئيس الجمهورية في زمن تتقاتل به القوى السياسية على المواقع وفي بعض الأحيان تحرك خلاياها النائمة لترتكب جرائم إرهابية لتستخدمها عوامل ضغط للحصول على مواقع حكومية كي تستغلها لسرقة المال العام , قام الدكتور عادل عبد المهدي واستجابتاً لنداء المرجعية وزهداً بالموقع بتقديم استقالته ليكون مثالاً يحتذي به لترسيخ ثقافة الاستقالة وفتح المجال إمام الآخرين لتقديم الخدمة , والغريب إن مثل هذا الموقف لم يتم الوقوف عنده لا من قبل وسائل الإعلام المختلفة ولا من قبل وكلاء المرجعية الذين كانوا يطالبون رئاسة الجمهورية بضرورة استقالة احد النواب الثلاث لرئيس الجمهورية , ولا من قبل الكتل السياسية ,والجماهير العراقية تعاملت مع هذا الموضوع بشكل طبيعي جداً ونسيته وكأن شيئاً لم يكن .
والحادثة الأخرى استقالة أمين عاصمة بغداد صابر العيسوي , فيا ترى هل وعى العراقيين إن هناك جهات سياسية عراقية لاتهمها المواقع ؟ ولم تتمسك بالكرسي وتعتبر ثقافة الاستقالة هي الأساس في تعاطيها مع الواقع المتردي لإدارة البلاد من قبل السلطة التنفيذية وغفلة السلطة التشريع عن ما يحصل من مصادرة الجهود والتهميش والإقصاء للوطنيين المخلصين واحتواء وتقريب المفسدين الذين تحركهم الأجندة الخارجية ومطامعهم الحزبية والشخصية ,وإنها تنأى بنفسها عن المشاركة في حكومة ثقافتها الأساسية هدر المال العام والفساد الإداري وفيها إرادة الباطل اقوي من إرادة الحق .
والى متى يبقى الشعب العراقي تحت رحمة الاستغلال والحرمان ؟ والى متى يبقى الشعب العراقي ( يستبدلون الذي هو الأدنى بالذي هو خير ) ؟ والى متى تتلاعب أهواء المغرضين بمقدرات الناس في العراق وتتلاقفهم دعايات الطابور الخامس ؟ ومتى يستطيع العراقيون التمييز بين الحق والباطل وبين من هو مخلص متفاني وأخر خائن متقاعس همه الوحيد كيف يكسب المال الحرام ؟ والى متى يبقى المخلصون متأخرون والمبطلون متقدمون في بلد عانى الأمرين من الظلم والاضطهاد ؟ والى متى تنتصر إرادة الباطل على إرادة الحق إمام مرئى ومسمع الجماهير وهي بيدها عصى التغيير عبر صناديق الاقتراع.