ربما يكون الرأي الذي يتحدث عن امكانية صياغة واقع سياسي جديد صحيح جدا في ظل استغلال وتعطيل حالة الشراكة القائمة على توافق الجميع في انتاج القرارات وربما ان ماذهب اليه السيد الحكيم في تشخيصه للحالة منطقيا لان التعطيل سمة رافقت مفاصل الدولة ولابد من حركة او موقف شجاع للاقرار بذلك وحتى لاتفوت الفرصة وتتحول الرؤى المشتركة والعلاقات التاريخية بين القوى الوطنية العراقية الى خانة القطيعة وبناء تحالفات جديدة ربما يكون بعضها مرحليا كما خطط لذلك المالكي وحزبه فان حكومة الاغلبية التي هي الحل الامثل بشراكة مكونات تكون لها الكلمة وادارة البلاد لفترة زمنية او دورة انتخابية وان نجحت فالخيار للمواطن وان فشلت فله ان يغير قناعاته وهذا عين الصواب.
لكن نقول ان هذا لايتم على حساب التحالفات الستراتيجية لبعض القوى او المكونات من قبيل التحالف الشيعي الكردي الذي كان فاعلا وحاسما حتى انتهج المالكي وبعض الاطراف الكردية سلوكا اخر اتسم بالتصعيد والاستعداء وعدم المرونة مما عقد الامر اكثر ودفع باتجاه الابتعاد بدرجة كبيرة .
لذا فان حكومة الاغلبية السياسية بصبغة مكوناتية سيمثل فرصة لاعادة الحوار والاتجاه الى تصفية المشاكل وانهائها على ارضية متينة والا فان بقاء مكون باكمله في خانة الحكم واخر في خانة المعارضة لن يقودنا الى شيء ولعل هذا ما قصده السيد الحكيم وتحدث عنه بشكل مناسب متفقا مع بعض الاطراف التي وصلت الى قناعة بان الشراكة بصيغتها الحالية اي الشراكة الجامعة لأغلب القوى لم تعد خيارا مفيدا في الوقت الحاضر على الاقل.
اذا المطلوب هو فض الشراكة بصيغتها الحالية والاسراع في بناء العلاقات بين القوى المشاركة على اساس الاحترام والثقة بان كل طرف من الاطراف له رؤيته في ادارة البلاد وتقديم الخدمة له وانطلاقا من هذا التصور من هنا فان اجتماع القوى المتقاربة في رؤاها ودخولها في تحالف حكومي سيكون اكثر فائدة كان تكون هناك حكومة ائتلافية من مجموعة من الاحزاب التي تتفق على رؤية موحدة ازاء المرحلة الحالية وما تريده وتراه للمستقبل بعد ان تحقق نتائج تؤهلها لقيادة البلاد عبر الانتخابات وتراعى في هذه الحكومة مسالة التمثيل المكوناتي لتضمن تحقيق النجاح ويكون اطرافها معبرين عن الاطياف الواسعة للمكونات العراقية ومع ان الامر ليس بالسهولة التي يتصورها البعض فان أي قوة لن تتمكن من اجبار مكون او جزءا منه على المشاركة في مثل هذه الحكومة ما لم يكن هناك ارضية مناسبة وضمانات بان يكون هولاء ممثلين امناء لمكونهم وربما تقودنا هذه الجزئية الى ما كان يقوم به نظام البعث بتعيينه او انتخابه صوريا لاشخاص موالين له من بعض المكونات ليقول انهم يمثلون الشعب الكردي مثلا وكذا الحال في تعامله مع الشيعة فان امثال هولاء الاشخاص لم يكونوا يمثلون المكون ,لكنهم زجوا بحسب مقتضيات مصلحة ذلك النظام. من هنا فنحن بحاجة الى الصدق في التعامل مع هذه المبادرة لان التنازل عن شيء ما او مطلب معين سيعود بفائدة اعم على المدى البعيد وهذا لايشمل باي حال من الاحوال الثوابت الوطنية والاجتماعية وغيرها لشعبنا والتي هي ليست محل مساومة السياسيين مهما علت مراتبهم وطغت شعبيتهم فالتنازل المقصود هو في حدود المصالح الحزبية والفئوية التي باتت طاغية في خطاب القوى المتصارعة.
مع ذلك وفي خضم هذا الحديث فكلنا امل ان تكلل جهود الرئيس الطالباني والقيادات المخلصة بالنجاح وتكتب لجهوده التوفيق بتجاوز الاوضاع والشروع بمرحلة جديدة اقل وطاة على المواطن العراقي الذي ينتظر أن يكون هو الاولوية بالنسبة لاغلب القوى العراقية التي انشغلت بصراعاتها على حساب امنه ومعاشه ومستقبله ...