ولان البطاقة التموينية حقيقة اوجدتها ظروف الحصار البعثي الصدامي قبل ان تكون حصارا دوليا جاءت ردا على سياسات النظام البعثي العدائية خاصة بعد احتلال الكويت عام ١٩٩١ وما تبعها من تحرير الكويت وفرض حصار دولي بحجة وجود اسلحة دمار شامل هدد بها طاغية العراق وتبجح بها في اوقات كثيرة واستخدمها ضد ابناء شعبه خاصة ضد الاخوة الاكراد في جريمة حلبجة التي لا تزال شاخصة حتى اليوم وحتى عندما تخلى المقبور صدام عن زهوه وعنجهيته استحكمت حلقات ذله وجبنه حتى وصلت فرق التفتيش الى سرير نومه وتفحصت خزائن ملابس نسائه ومحظياته.
والبطاقة التموينية التي تعتبر مرادفة لقرار الامم المتحدة النفط مقابل الغذاء والدواء يمثل نقلة مهمة في حياة الاكثرية من العراقيين خاصة في محافظات الوسط والجنوب حيث انه وفر سلة غذائية مقبولة ومثلت الحد الادنى في وقت كان معدل راتب الموظف العادي لا يتجاوز (٣)دولار بينما كانت الاقلية لا تعرف ماذا تعني البطاقة التموينية لان الرواتب التي تتقاضاها هذه الاقلية كان يفوق الخيال وكانت اكياس الطحين "نمرة صفر" تصل الى البيوت بينما كانت الاكثرية تاكل بقايا الذرة وفضلات الحيوانات وقليلا من الدقيق وبكميات محدودة.
ورغم اهمية هذه البطاقة التموينية واستمراريتها بين المد والجزر الا ان هذه البطاقة تعرضت الى التقزم والانكماش بصورة فضيعة في زمن العولمة والديمقراطية رغم المبالغ الخيالية المرصودة لها ورغم ان الاموال المخصصة هي اموال الشعب العراقي وليست هبة او مكرمة او منة من احد، وشهدت مفردات البطاقة التموينية تراجعا مخيفا حتى وصل عدد المفردات التي يستلمها المواطن (٣) مفردات بينما كانت العائلة العراقية تتسلم (١٠) مفردات حتى وقت قريب ،وقد تكون المفارقة العجيبة، انه كلما تم زيادة التخصيصات المالية لوزارة التجارة كلما نقصت مفردات البطاقة التموينية،ولهذا شهدت هذه الوزارة اكبر فضائح الفساد والسرقات ويكفي وزارة التجارة عارا وذلا ان يكون المختلس فلاح السوداني وزيرا لها .
قد تنقرض البطاقة التموينية في قادم الايام لان اخبارها بدت متقطعة وغير مهمة خاصة لدى المواطن البسيط الذي مل الانتظار وايقن عدم جدوى هذا الانتظار الذي لا يعدو عن كونه مضيعة للوقت لان الحكومة ومجلس النواب غير معنيين بهذا الملف الحيوي كاهتمامهم بخلق الازمات وتشريع القوانين الخاصة التي تحقق مصالحهم الشخصية والحزبية ولم يتغير شيئا في الزمنين وان كان الزمن اللاحق اشد قسوة وتقزما على مفردات البطاقة التموينية حصرا.
ليس عجيبا ان تنقرض البطاقة التموينية وتتلاشى وينتهي ذكرها من قاموس العراقيين لان ما تبقى منها مادتين اوثلاثة فقط بينما لم يعد المواطن البسيط يتذكر المفردات الاخرى،لكن العجب كل العجب ان يكون وزير التجارة طبيبا بيطريا ليست له صلة بالتجارة او الاعلاف الحيوانية.