فمجرد ان يتلقى المرء هذا الخبر حتى يصاب بقدر غير قليل من الدهشة والاستغراب..
اربيل الكردية عاصمة اقليم كردستان عاصمة للسياحة العربية... كيف .. ولماذا؟؟.
ابتداء لابد من القول ان اهم وابلغ رسالة حملها ذلك الاختيار تتمثل في ان العراق بتنوعه الفسيفسائي القومي هو جزء من المنظومة العربية،وان الخصوصيات القومية والثقافية لبعض مكوناته لاتلغي بأي حال من الاحوال هوية البلد العربية، ولايمنكها القفز عليها وتجاوزها، لان الاختيار انطلق من حقيقة ان اربيل مدينة عراقية قبل ان تكون كردية، مثلها مثل بغداد والبصرة والانبار ونينوى والنجف وبابل ومدن العراق الاخرى.
وبالنسبة للاكراد فأن القضية من زاوية تبدو موضع ارتياح وقبول وترحيب، لان ذلك الاختيار او الترشيح يعني فيما يعنيه اقرارا واعترافا صريحا بحجم واهميةالتحولات والمتغيرات الكبرى التي شهدتها اربيل خلال الاعوام القلائل الماضية على صعيد البناء والاعمار والازدهار الى جانب الاوضاع الامنية المستقرة، وهي متغيرات وتحولات من اليسير ان يستشعرها الزائر حالما تطأ قدماه ارض المدينة، ولابد له ان يلمس الهوة الواسعة بينها وبين اية مدينة عراقية اخرى في وسط البلاد او جنوبها.
وذلك بالطبع يعكس حسن ادارة وتخطيط وشعور كبير بالمسؤولية من قبل المعنيين بزمام الامور في الاقليم، وبالتحديد الحكومة المحلية.
بيد انه من زاوية اخرى ربما كان ذلك الاختيار يشكل مبعث ازعاج لفئة-او فئات -من المجتمع الكردي من ذوي النزعات القومية المتطرفة الى حد ما، والتي يثير حفيظتها كل ما هو عربي.
ولايختلف الامر بالنسبة للعرب العراقيين، سواء في الاطار الحكومي-الرسمي، او الاطار الشعبي، فهناك من يشعر بالفخر والاعتزاز حيال قرار وزراء السياحة العرب بأختيار مدينة عراقية-ايا كانت تلك المدينة-عاصمة للسياحة العربية، لان ذلك من شأنه تعزيز حضور العراق في المحافل العربية والدولية المختلفة، وهذا الحضور مهم الى حد كبير بالنسبة لبلد يعيش مرحلة مخاضات وتحديات سياسية وثقافية وفكرية واجتماعية حادةوحرجة.
يقابل ذلك الشعور، شعور بالاسى والاستياء يمتزج مع شعور بالحسد، فالمواطن العراقي ابن بغداد او البصرة او ذي قار او واسط مثلا، من حقه ان يتساءل لماذا تبدل حال اربيل بحيث يصار الى اختيارها عاصمة للسياحة العربية، بينما يلغى مشروع النجف عاصمة الثقافة الاسلامية لهذا العام، ويتعثر مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام ٢٠١٣ في خضم الخراب والفساد الذي يحتاج الى معجزة او معاجز للقضاء عليه.. ومن حق المواطن العراقي في مدن الوسط والجنوب ان يتساءل عن اسباب السير الى الامام في اربيل، والتراجع الى الخلف في غيرها؟.
وقائمة الاسئلة المؤلمة طويلة وطويلة جدا.
وهناك جانب اخر في الموضوع، وهو ان اللغة العربية تكاد تغيب وتختفي تماما من عاصمة السياحة العربية المرتقبة!، فكل اللوحات والعلامات المرورية والارشادية والاعلانية في اربيل ومدن اقليم كردستان مكتوبة باللغة الكردية الى جانب اللغة الانجليزية، والمناهج الدراسية بدءا من المرحل الابتدائية مرورا بالمراحل المتوسطة والثانويةانتهاء بمرحلة الدراسة الجامعية كلها بالكردية، ولاوجود للغة العربية فيها الا بمقدار قليل جدا، كما هو الحال مع مادةاللغة الكردية التي كانت تدرس في عهد نظام صدام في المدارس والجامعات العراقية، وهذا يعني ان هوية العراق العربية لابد ان تظفي بعض من رونقها على اربيل الكردية-العراقية، حتى يأتي الاختيار معبرا عن الواقع ومنسجما معه، وتلك مهمة تحتاج الى قدر كبير من التواصل والتنسيق والتفاهم بين اربيل وبغداد اولا واخيرا.
عادل الجبوري
adil_ALJIBOURY@YAHOO.COM