وقد يكون السبب الحقيقي لتاخر عدد من المحافظات وتفشي الفساد هو غياب التنوع فحكومتنا الاتحادية بمركز قرارها يهيمن عليها لون وحزب واحد وكذا حال المحافظات الوسطى والجنوبية التي طالما خضع محافظيها ومجالسها لقرارات الوزارات باشارة من زعيم هذا الحزب حتى ان بعضهم ترك مهامه الاساسية وراح ينظر تنظيرات سياسية تحاكي رغبات وميول هذا الزعيم المتربع على كرسيه في بغداد ومن يدفع الثمن بلا ادنى شك هو ابناء المحافظات وهو ما تثبته تجربة الكهرباء وملفها المعقد فلا الوزارة ولا رئيس الحكومة ولاحتى السلطات المحلية وجدوا الحل او تجرأو على طرحه بشكل قوي, لذلك لانجد مسؤولا عن التقصير في ادارة هذا الملف غيرهم مجتمعين.
وكما اسلفت السبب يرجع بلا ادنى شك الى سياسة الانبطاح امام المركز التي كرسها رئيس الحكومة ودفع باتجاهها ولانعلم لماذا يتنازل المحافظ او مجلس المحافظة عن بعض صلاحياته للمركز وربما السبب هو التبعية الحزبية والمجاملاتية على حساب مصالح المحافظات والناس.والتحدي الواجب مواجهته هو بناء منظومة متكاملة للسلطة مع فهم شامل لمتطلبات نجاحها فمن الضرورات الاساسية للنجاح وجود (اغلبية حاكمة ومعارضة ) مع فهم كل طرف حدود تعاملاته وواجباته فالاغلبية ينبغي ان تكون لها برامجها واهدافها النابعة من مصلحة عامة تريد تمريرها والمعارضة ترشد الاداء وتراقبه وتحشد الجهود لمواجهة اي تجاوز يمكن ان يؤثر على المصالح العامة فالتوافقية التي دأبت القوى السياسية على العمل بمقتضاها اسيء فهمها لدرجة ان الجميع اصبحوا بشخصيتين وموقفين متناقضين وكل منهم يريد نصيبه في الكعكة حتى بات امر البلد مرهونا برضا اشخاص تارة يمثلون دور المعارض ربما المسلح احيانا وتارة اخرى يمثلون الجانب الحكومي وكل ذلك لحصد مزيد من الامتيازات ونيل نصيبهم من الكعكة مقوضين بذلك اسس انضاج المشروع وديمومته.
ولعل المشاكل التي طرأت وحالة الشد والجذب التي شهدتها البلاد وعراك القوى السياسية ونشر بعضها غسيل البعض الاخر كان لهذه الاسباب, من هنا كلت مبادرة السيد الحكيم ارضية رصينة للبدء بصفحة جديدة تتجاوز حالة التوافقية ليس لانها نظام فاشل لكنها لاتلبي متطلبات المرحلة الحالية ومعها ستسمر حالة التأزيم بفعل تمسك كل طرف بمطالبه العالية وعدم تنازله للاخر.
ولكي لا تبقى الامور في اطار الركود السياسي فأن الانتقال الى حكومات الاغلبية بشكلها الذي طرحه السيد الحكيم باشراك المكونات فيها لتجاوز حالة اللاتنوع وتجنب عزل مكون ما يعد فرصة مناسبة للتحول الى نظام جديد سبقنا اليه عدد من الانظمة الديمقراطية ولا تعني هذه الانتقالة وهذا التحول المثالية التامة وقد تكون مثل هذه الفرصة متاحة امام المواطن ليدلي بدلوه باختيار الاكفاء وانتخابهم من كافة القوائم في انتخابات مجالس المحافظات في حال فشلت القوى السياسية في بناء حكومة بهذا الاتجاه كما ان على القوى المتحمسة لخيار حكومة الاغلبية ان تغتنم الفرصة لترسيخها في انتخابات مجالس المحافظات فضلا عن ذلك كله يبقى مفتاح الحل بيد المواطن الذي يجب ان ينتبه لخياراته لئلا يعود ويندب حظه من جديد باختياره بعض المتنكرين لجهوده وتضحياته من الذين لم يقدموا له شيئا يذكر عدا تصريحاتهم وعراكهم المتواصل على مغانم يحوزونوها لاحزابهم ولاشخاصهم ولدائرة ضيقة من الانصار والاصدقاء والاقارب.