ولكن الذي يلفت الانتباه هو حجم الطاقات التي جندت من أجل إنقاذ مايمكن إنقاذه وفي المقام الأول هم الناس لأنهم ثروة لايمكن تعويضها للوطن , وما خلفه الإعصار في المدينة من انجراف البيوت وقطع للتيار الكهربائي واعتبرت المدينة منكوبة ولكن الجدير بالذكر إن البدائل موجودة من خلال كوادر الإنقاذ المدربة والمستشفيات المتخصصة والتي تعمل بدون انقطاع وهناك دور لوسائل الأعلام في بث الخبر الصحيح , فالمواطن أولاً وكل شيء غير ذلك فأنه يعوض .
لكن المتابع للشأن العراقي يرى أن ما نعيشه في العراق حتى الآن هي الكارثة الحقيقية (الإعصار) التي لايستطيع أحد أن يزيلها من تداعيات ومشكلات سياسية أصبحت بحكم المرض المزمن الذي يصعب علاجه فالفرقاء السياسيون ما زالوا في دوامة من الخلافات والنزاعات من أجل مصالحهم الشخصية والحزبية وما نلاحظه مؤخراً من اجتماعات لقادة الأحزاب والتيارات المختلفة خلف الكواليس متزامنةً مع قرب الانتخابات .
وكذلك في مجال الخدمات المقدمة للمواطن فلم يعد سراً فمنذ تسعة أعوام والعراق إنتاجه من الطاقة الكهربائية لاتسد حاجته على الرغم من التخصيصات الهائلة المرصودة في هذا المجال بسبب الفساد الإداري والمالي وغياب المسؤول المناسب في المكان المناسب ناهيك عن التخلف في كافة أوجه الخدمات الأخرى كالمياه والمجاري وبناء المجمعات السكنية والتصحر المسبب للعواصف الترابية , فنرى أن الحكومة عاجزة عن توفير أبسط المستلزمات المطلوبة للمواطن .
فالمشكلة الرئيسية في العراق هو عدم وجود من يعمل ويخلص لأجل الوطن وكذلك غياب التخطيط الجيد لتحسين الأوضاع ومن ناحية أخرى نرى عجز مجلس النواب تماماً عن أقرار القوانين والمبادرات التي تخدم الوطن والمواطن والمقدمة من الشخصيات التي تتمتع بتأييد شعبي واسع أو رفعها من قبل المجلس ولكن نرى تلكؤ الحكومة في تنفيذها كالتي أعلنها قائد المجلس الأعلى الإسلامي السيد عمار الحكيم كمبادرة جعل البصرة عاصمة العراق الاقتصادية لما تمتلكه المدينة من موقع وخزين استراتيجي للنفط العراقي وكذلك مبادرة أعادة تأهيل ميسان وقانون رعاية الطفولة وذوي الأحتياجات الخاصة في العراق والسبب هو تخوف الحكومة من نجاح المبادرة وإنها سوف تحسب لجهة معينة وعدم التفكير بالشريحة الكبيرة المستفيدة من هذه المبادرات . وكذلك قد نكون مقبلين على إعصار شعبي لايعلم عقباه بسبب القرار الأخير لمجلس الوزراء بإلغاء مفردات البطاقة التموينية واستبدالها بمبلغ نقدي قد لايسد حاجة المواطن من السلع الغذائية والسبب عدم مقدرة الحكومة في السيطرة على الفساد المستشري في الوزارة المعنية بذلك (ناهيك عن بقية الوزارات الخدمية) , فهل هذا هو الحل الناجح بنظر الحكومة في ظل الاقتصاد العراقي المعطل والمجهول والتدخلات الأخيرة بسياسة البنك المركزي العراقي وإقالة محافظه , هذه الدائرة التي يجب أن تكون مستقلة في عملها . فكل هذه الأمور تنبأنا بقدوم إعصار وكارثة كبرى قد تحل بهذا البلد (لاسامح الله) كالذي حدث في أمريكا فهذا الإعصار وما خلفه من خسائر مادية وبشرية كبيرة هو أهون بكثير مما نعيشه الآن في العراق من تخبط في المسار الأساسي لهيكلية العملية السياسية , فكل ما يتمناه الشعب العراقي أن لا يعيش أو يمر على بلده مثل تلك الأعاصير؟؟؟ والله الحافظ.